الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلۡمَلَإِ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰٓ إِذۡ قَالُواْ لِنَبِيّٖ لَّهُمُ ٱبۡعَثۡ لَنَا مَلِكٗا نُّقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ قَالَ هَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ أَلَّا تُقَٰتِلُواْۖ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلَّا نُقَٰتِلَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَدۡ أُخۡرِجۡنَا مِن دِيَٰرِنَا وَأَبۡنَآئِنَاۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ تَوَلَّوۡاْ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (246)

قوله : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى المَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَِن بَعْدِ مُوسَى ) الآية [ 244 ] . معنى( {[7995]} ) ألم تَر ، في جميع القرآن : ألم تعلم ، ألم يبلغك خبرهم يا محمد .

والملأ هنا أشراف القوم ووجوهم ، جمع لا واحد له من لفظه( {[7996]} ) . والنبي ، قال السدي : اسمه سمعون( {[7997]} ) ، سمي بذلك( {[7998]} ) لأن الله عز وجل سمع دعاء( {[7999]} ) أمه وأجابها في أن وهبها إياه فسمته سمعون إذ قد سمع دعاءها( {[8000]} ) .

وقال وهب : اسمه إسمويل( {[8001]} ) .

وقيل : هو يوشع( {[8002]} ) بن نون ، قال قتادة . وهو أحد الرجلين اللذين أنعم الله عليهما وذلك بعد موت موسى( {[8003]} ) .

قال السدي : " كانت بنو إسرائيل يقاتلون العمالقة/وكان ملك العمالقة جالوت ، فظهرت( {[8004]} ) العمالقة على بني إسرائيل فضربوا عليهم الجزية فسألوا الله أن يبعث إليهم/نبياً يقاتلون معه . وكان سبط النبوة قد هلك من عندهم ، فلم يبق إلا امرأة( {[8005]} ) حبلى من شيخ من سبط النبوة ، فأخذوها وحبسوها في بيت خوفاً أن تلد جارية فتبدلها بغلام لما ترى من رغبتهم في ولد ذكر منها ، فجعلت المرأة تدعو الله أن يرزقها غلاماً ، فولدت( {[8006]} ) غلاماً فسمّته سمعون إذ قد سمع الله دعاءها فيه فكبر وتعلم التوراة فأتى جبريل عليه السلام ، والغلام نائم إلى جنب الشيخ فدعاه بلحن الشيخ ، فقام الغلام وقال( {[8007]} ) : يا أبتاه ، أنت دعوتني ؟ فكره الشيخ أن يقول : لا ، فيفزع( {[8008]} ) الغلام . فقال يا بني ، ارجع فنم . فدعاه جبريل الثانية . فأتى الغلام الشيخ فقال : دعوتني ؟ فقال له : ارجع فنم ، فإن دعوتك الثالثة فلا تجبني ، فلما كان الثالثة ظهر جبريل عليه السلام ، فقال له : اذهب إلى قومك فبلغهم رسالة ربك ، فإن الله قد بعثك نبياً . فأتاهم فكذبوه وقالوا : استعجلت( {[8009]} ) بالنبوة ، وقالوا : إن كنت صادقاً فابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله آية نبوتك .

فقال لهم سمعون : عسى إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا .

فقالوا وكيف لا نقاتل ، وقد غلب علينا وأخرجنا من ديارنا وأبنائنا( {[8010]} ) " . أي أسر منهم من أسر فأخرج من دياره وأبنائه ، وهم في وقت قولهم قد كانوا في ديارهم وأبنائهم ، ولكن المعنى : أن من أسر منهم قد فُعِلَ به ذلك ، فأُخبروا عن أنفسهم والمراد به بعضهم ، فهو عام يراد به الخصوص( {[8011]} ) .

فأما قوله : ( عَسِيتُمُ ) ، فقد ضعفت قراءة من كسر السين( {[8012]} ) لأنه يلزم أن يجيز " عَسِيَ( {[8013]} ) أَنْ أَقُومَ " ، وذلك لا يقال .

قال أبو حاتم ، " لا وجه للكسر ، ويلزم منه فَعَسِيَ( {[8014]} ) ( اللَّهُ أَنْ يَّاتِيَ بِالفَتْحِ )( {[8015]} ) " ( {[8016]} ) .

وقد حكى أهل اللغة ؛ يعقوب وغيره/ ، " أن الكسر مع المضمر خاصة ، لغة " ( {[8017]} ) .

قال أبو غانم( {[8018]} ) : " هي لغة أهل الحجاز يكسرون مع المضمر خاصة " .


[7995]:- في ع2، ع3: ومعنى.
[7996]:- انظر: هذا التوجيه في: مجاز القرآن 1/77، وتفسير الغريب 92، وتفسير القرطبي 3/243.
[7997]:- في ع3: شمعون. وهو تصحيف.
[7998]:- في ق: ذلك.
[7999]:- في ح، ق: بدعاء.
[8000]:- انظر: جامع البيان 5/292، وتفسير القرطبي 3/243.
[8001]:- انظر: تفسير ابن كثير 1/300، وفي ع3: إشمويل.
[8002]:- في ق: يوسع.
[8003]:- انظر: جامع البيان 5/293، والمحرر الوجيز 2/251، والدر المنثور 1/752.
[8004]:- في ع2: فطهرت. وهو تصحيف.
[8005]:- في ع3: المرأة.
[8006]:- في ع1، ق: فولد.
[8007]:- في ع2: فقال.
[8008]:- ع2: فيفرغ. وهو تصحيف.
[8009]:- في ق: استعجبت، وهو تحريف.
[8010]:- انظر: جامع البيان 5/298-299، وتفسير ابن كثير 1/300، والدر المنثور 1/753.
[8011]:- انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 5/305.
[8012]:- وهي قراءة نافع. وقرأ الباقون بالفتح. انظر: كتاب السبعة 136، والتبصرة 161، والكشف 1/303، والتيسير 81، وكتاب العنوان 74، والحجة 139، وتحبير التيسير 92، والنشر 2/230.
[8013]:- في ع3: عسى. وهو تصحيف.
[8014]:- في ع3: فعسى. وهو تصحيف.
[8015]:- المائدة آية 54.
[8016]:- انظر: إعراب القرآن 1/277، والكشف 1/303.
[8017]:- انظر: المصدر السابق.
[8018]:- في ع2: حاتم.