الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

قوله : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى ) [ 236 ] .

قال ابن عباس وأبو هريرة وابن عمر وأبو سعيد الخدري وعائشة وسعيد بن جبير والضحاك ومجاهد وغيرهم : " الوسطى صلاة( {[7815]} ) العصر " ( {[7816]} ) . وروي ذلك عن النبي [ صلى الله عليه وسلم ]( {[7817]} ) .

وقال زيد بن ثابت وابن أبي ذئب : " هي الظهر " ( {[7818]} ) . وروي ذلك عن ابن عمر( {[7819]} ) .

وروي( {[7820]} ) أن النبي عليه السلام كان يصلي في الهاجرة والناس في هاجرتهم ، فلا يجتمع إليه أحد ، فتكلم في ذلك فأنزل الله : ( وَالصَّلاَةُ الوُسْطَى ) ، يريد الظهر( {[7821]} ) .

وقال قبيصة( {[7822]} ) بن( {[7823]} ) ذئيب : " هي المغرب لكونها بين الليل والنهار " ( {[7824]} ) .

وقال جابر بن عبد الله وعطاء وعكرمة : " هي الصبح/لكونها أيضاً بين الليل والنهار " ( {[7825]} ) ، ولقوله : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ )[ 236 ] . والقنوت إنما يكون في الصبح( {[7826]} ) . وهو [ أيضاً مروي ]( {[7827]} ) عن ابن عباس [ وعلي بن أبي طالب ]( {[7828]} )/وهو قول الربيع( {[7829]} ) وعبد الله بن شداد بن الهاد ، وروي ذلك عن مجاهد( {[7830]} ) ، وهو قول مالك( {[7831]} ) .

وهو قول أبي أمامة الباهلي( {[7832]} ) وزيد بن أسلم وعبد الله بن عمر( {[7833]} ) .

وقد تظاهرت الأخبار عن النبي [ عليه السلام ]( {[7834]} ) أنها العصر( {[7835]} ) .

وروى ابن( {[7836]} ) وهب وابن القاسم عن مالك : أن الصلاة الوسطى صلاة الصبح( {[7837]} ) .

قال مالك : " الظهر والعصر في النهار ، والمغرب والعشاء في الليل ، والصبح فيما بين ذلك " ( {[7838]} ) .

قال مالك : " والصبح لا تجمع إلى غيرها ، وقد يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء " ( {[7839]} ) .

قال مالك : " وهي كثيراً ما تفوت الناس ويتلهون عنها( {[7840]} ) " ( {[7841]} ) .

قلت( {[7842]} ) : وصلاة الصبح أفضل الصلوات ، ولذلك أكد الله في المحافظة عليها ، يدل على ذلك قول النبي عليه السلام : " مَنْ شَهِدَ الصُّبْحَ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةً ، وَمَنْ شَهِدَ العِشَاءَ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ لَيْلَةٍ " ( {[7843]} ) .

وقال( {[7844]} ) : " بَيْنَنَا وَبَيْنَ المُنَافِقِينَ شُهُودُ العَتْمَةِ وَالصُّبْحِ ، لاَ يَسْتَطِيعُونَهُمَا " ( {[7845]} ) .

وقال : " لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتْمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً " ( {[7846]} ) .

ففضل العتمة والصبح على سائر الصلوات ، ثم فضل( {[7847]} ) الصبح على العتمة فدل على أنها أفضل الصلوات ، فهي الوسطى .

وقد قال عمر : " لأن أشهد صلاة أحب إلي من أن أقوم ليلة " ( {[7848]} ) .

وقد قرأ( {[7849]} ) الرؤاسي( {[7850]} ) : ( وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى ) بالنصب ، بمعنى : وألزموا الصلاة ، وقد روي عن عائشة( {[7851]} ) رضي الله عنها أنها أثبتت في المصحف : " والصلاة الوسطى( {[7852]} ) ، وصلاة( {[7853]} ) العصر " ، بالواو( {[7854]} ) .

وكذلك روى نافع أن حفصة أمرت أن يكتب ذلك في مصحفها ، وقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها كذلك " ( {[7855]} ) .

وليست هذه الزيادة توجب أن تكون الوسطى/غير العصر ، لأن سيبويه قد حكى : " مررت بأخيك وصاحبك " والصاحب هو الأخ ، فكذلك الوسطى هي العصر ، وإن عطفت( {[7856]} ) بالواو( {[7857]} ) .

الصلاة الوسطى هي أفضل الصلوات إعادتها( {[7858]} ) بلفظها بعد أن دخلت في جملة الصلوات كما قال : ( وَمَلاَئِكَتِهِ )( {[7859]} ) . ثم قال : ( وَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ )( {[7860]} ) ، وكما قال : ( فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ/وَرُمَّانٌ )( {[7861]} ) . فأعاد " جبريل وميكائيل " ( {[7862]} ) وقد دخلا في جملة الملائكة ، وأعاد " النخل والرمان " ، وقد دخلا في جملة الفاكهة ، وذلك لفضل فيهما( {[7863]} ) ، فأعيدا للتنبيه على الفضل ، فكذلك الصلاة الوسطى أعيدت لأنها أفضل الصلوات .

وقد بينا أن صلاة( {[7864]} ) الصبح أفضل الصلوات فهي هي بغير شك .

وقرأ ابن عباس : " والصلاة الوسطى صلاة العصر " على التقدير( {[7865]} ) .

وذكر ابن( {[7866]} ) حبيب( {[7867]} ) عن بعضهم أنها صلاة الجمعة ، وهو قول شاذ( {[7868]} ) .

وأصل القنوت/الطاعة ، وهو( {[7869]} ) أيضاً طول القيام( {[7870]} ) .

وقيل : هو هنا السكوت لأنهم كانوا يتكلمون في الصلاة( {[7871]} ) .

قال زيد بن أرقم : " كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت : ( وَقُومُوا لِلهِ قَانِتِينَ ) ، فأمرنا بالسكوت( {[7872]} ) .

وقيل : القنوت هنا الدعاء( {[7873]} ) .

وقيل : هو الركوع/والخشوع في الصلاة( {[7874]} ) .

وقال مجاهد : " هو غض البصر/في الصلاة وضم الجناح وطول الركوع( {[7875]} ) وأصله كله يرجع إلى الطاعة " ( {[7876]} ) .


[7815]:- سقط من ع3.
[7816]:- انظر: جامع البيان 5/169-179، والمحرر الوجيز 2/234، وتفسير القرطبي 3/210.
[7817]:- في ح: عليه السلام. وانظر الأحاديث التي تشهد على أنها العصر في: صحيح البخاري 5/162، وصحيح مسلم 1/437، وسنن الترمذي 5/217-218.
[7818]:- انظر: الموطأ 1/139، وأحكام ابن العربي 1/225، وأحكام الكيالهراس 1/213.
[7819]:- انظر: جامع البيان 5/202، والمحرر الوجيز 2/234، وتفسير القرطبي 3/209.
[7820]:- في ح: هو، وهذا تحريف.
[7821]:- انظر: المحرر الوجيز 2/234، ولباب النقول 47.
[7822]:- في ح، ق: قبيضة. وفي ع3: فنيطة. وكلاهما تحريف. وهو قبيضة بن ذؤيب بن حلحلة بن عمرو، أبو إسحاق. روي عن أبيه وأبي هريرة. وروى عنه الزهري ورجاء بن حيوة، وثَقهُ ابن حبان. (ت86هـ). انظر: طبقات ابن خياط 309، والخلاصة 2/349.
[7823]:- في ع3: ابن. وهو خطأ.
[7824]:- انظر: جامع البيان 5/214، والمحرر الوجيز 2/235، وتفسير القرطبي 3/210.
[7825]:- قوله: "وقال جابر..والنهار" ساقط من ع3.
[7826]:- في ق: الصبح يكون. وانظر قول جابر بن عبد الله وعكرمة وعطاء في: جامع البيان 5/219-220، وتفسير القرطبي 3/211.
[7827]:- في ق: مروي أيضاً.
[7828]:- في ع3: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
[7829]:- في ع3: ابن الربيع.
[7830]:- انظر: جامع البيان 5/219.
[7831]:- انظر: الموطأ 1/139، وأحكام ابن العربي 1/224.
[7832]:- واسمه صدي بالتصغير صحابي مشهور. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر وعلي، وروى عنه شهر بن حوشب ومكحول (ت86هـ). وقيل 81هـ. انظر: طبقات ابن خياط 46، وتقريب التهذيب 1/366، والإصابة 2/182 (ط. بيروت).
[7833]:- انظر: المحرر الوجيز 2/233-234، وتفسير القرطبي 3/211، وتفسير ابن كثير 1/290.
[7834]:- في ع2: صلى الله عليه وسلم.
[7835]:- راجع صحيح البخاري 5/162، وصحيح مسلم 1/437، وسنن الترمذي 5/217-218.
[7836]:- في ع3: بن. وهو خطأ.
[7837]:- انظر: أحكام ابن العربي 1/224، والمحرر الوجيز 2/234.
[7838]:- انظر: أحكام ابن العربي 1/224.
[7839]:- انظر: أحكام ابن العربي 1/224، والمحرر الوجيز 2/234.
[7840]:- في ع2: عنه.
[7841]:- انظر: أحكام ابن العربي 1/224.
[7842]:- في ع2: قالت، وهو تحريف.
[7843]:- انظر: صحيح مسلم 1/454، والموطأ 1/132، وسنن الترمذي 1/433.
[7844]:- في ع2، ع3: فقال.
[7845]:- انظر: صحيح مسلم 1/451، والموطأ 1/130-131.
[7846]:- انظر: صحيح مسلم 1/451، والموطأ 1/130-131.
[7847]:- في ع3: ففضل.
[7848]:- انظر: الموطأ 1/131.
[7849]:- في ق: قال. وانظر هذه القراءة في: المحرر الوجيز 2/233.
[7850]:- واسمه محمد بن الحسين بن أبي سارة الرؤاسي النيلي، أبو جعفر، نحوي لغوي مقرئ، أستاذ الكسائي والفراء (ت193هـ). انظر: نزهة الألباب 50-51، وبغية الوعاة 1/82-83.
[7851]:- سقط من ع2.
[7852]:- في ع3: والوسطى.
[7853]:- في ق: الصلاة.
[7854]:- انظر: صحيح مسلم 1/438، وسنن الترمذي 5/217، والإيضاح لناسخ القرآن 159.
[7855]:- انظر: سنن الترمذي 5/217.
[7856]:- في ع3: عطفه.
[7857]:- انظر هذا التعليل في: إعراب القرآن 1/273.
[7858]:- في ع3: أعاد لها. وهو تحريف.
[7859]:- البقرة آية 98.
[7860]:- البقرة آية 98.
[7861]:- الرحمن آية 67.
[7862]:- قوله: "وكما قال: فيهما..وميكائيل" ساقط من ع3.
[7863]:- في ع2: للفضل.
[7864]:- في ع2، ق: الصلاة.
[7865]:- انظر هذه القراءة في: المحرر الوجيز 2/235.
[7866]:- في ع3: بن. وهو خطأ.
[7867]:- هو عبد الله بن حبيب أبو عبد الرحمن السلمي الضرير، مقرئ الكوفة، وعالمها. قرأ على عثمان وعلي وابن مسعود، وسمع منهم وحدث عنه إبراهيم، وسعيد بن جبير. (ت73هـ). انظر: طبقات ابن خياط 106، وتذكرة الحفاظ 58-59، وطبقات القراء 1/413-414.
[7868]:- انظر: أحكام ابن العربي 1/226، والمحرر الوجيز 2/236، وتفسير القرطبي 3/211.
[7869]:- سقط قوله "وهو" من ع2.
[7870]:- انظر: مفردات الراغب 428، واللسان 3/169.
[7871]:- انظر: تفسير الغريب 91، وأحكام الكياالهراس 1/215.
[7872]:- انظر: سنن الترمذي 5/218، وأحكام ابن العربي 1/226، ولباب النقول 47.
[7873]:- انظر: المحرر الوجيز 2/237، وعزاه القرطبي في تفسيره 3/214 إلى ابن عباس.
[7874]:- انظر: جامع البيان 5/234، وأحكام ابن العربي 1/226، وتفسير القرطبي 3/214.
[7875]:- قوله: "والخشوع..وطول الركوع" ساقط من ع2.
[7876]:- انظر: جامع البيان 5/234، والمحرر الوجيز 2/237، وتفسير القرطبي 3/214.