بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلۡمَلَإِ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰٓ إِذۡ قَالُواْ لِنَبِيّٖ لَّهُمُ ٱبۡعَثۡ لَنَا مَلِكٗا نُّقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ قَالَ هَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ أَلَّا تُقَٰتِلُواْۖ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلَّا نُقَٰتِلَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَدۡ أُخۡرِجۡنَا مِن دِيَٰرِنَا وَأَبۡنَآئِنَاۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ تَوَلَّوۡاْ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (246)

وقوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الملإ مِن بَنِى إِسْرئيلَ مِن بَعْدِ موسى } ، يعني الرؤساء والقادة . وقال بعضهم : اشتقاق الملأ في اللغة من الملأ وهم الجماعة التي تملأ باديتهم . وقال بعضهم : الناظر إذا نظر إليهم ، امتلأ عينه هيبة منهم ؛ وذلك أن كفار بني إسرائيل قهروا مؤمنيهم فقتلوهم ، وسبوهم ، وأخرجوهم من ديارهم . وكان رئيسهم جالوت ، فلما اضطر المسلمون في ذلك جاؤوا إلى نبي لهم يقال له : أشمويل بن هلقانا عليه السلام بلغة العبرانية وبالعربية إسماعيل بن هلقان ، { إِذْ قَالُواْ لِنَبِيّ لَّهُمُ } ، يعني أشمويل : { ابعث لَنَا مَلِكًا } ، يعني ادع لنا الله تعالى أن يجعل لنا ملكاً ، يعني رجلاً ينتظم به أمرنا . { نقاتل فِي سَبِيلِ الله } .

ف { قَالَ } لهم أشمويل : { هَلْ عَسَيْتُمْ } . قرأ نافع : { هَلْ عَسَيْتُمْ } بكسر السين ، وقرأ الباقون : بالنصب ، وهي اللغة المعروفة . والأول لغة لبعض العرب { هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال أَلاَّ تقاتلوا } ، يعني إذا بعث الله لكم ملكاً وفرض عليكم القتال ، لعلكم لا تقاتلون وتجبنون عن القتال . { قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نقاتل فِى سَبِيلِ الله } ، يقول : كيف لا نقاتل في سبيل الله ؛ { وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن ديارنا وَأَبْنَائِنَا } ، يعني أخذوا ديارنا وسبوا أبنائنا .

{ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتال } ، أي فرض عليهم القتال . { تَوَلَّوْاْ } وتركوا القتال ولم يثبتوا { إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمُ } ، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً . { والله عَلِيمٌ بالظالمين } ، يعني أن الله تعالى يعلم جزاء من تولى عن القتال .