الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذۡ وَٰعَدۡنَا مُوسَىٰٓ أَرۡبَعِينَ لَيۡلَةٗ ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَنتُمۡ ظَٰلِمُونَ} (51)

وموسى اسم أعجمي( {[1992]} ) ، أصله فيما ذكر السدي : ماء وشجر( {[1993]} ) ، فهو ماء . وسمي بذلك لأن أمه/ حين ألقته في اليم بين أشجار عند بيت فرعون فوجده جواري آسية( {[1994]} ) امرأة فرعون ، فسمي( {[1995]} ) باسم ذلك المكان الذي أصيب( {[1996]} ) فيه( {[1997]} ) .

فأما موسى فمؤنثة( {[1998]} ) عربية ، مشتقة من أسوت إذا أصلحت( {[1999]} ) ، ويكون أصله الهمز .

وقيل : هي من " أَوْسَوْتُ " إذا حلقت . وهذا أشبه بها ، وكلاهما قريب من الآخر . و[ الأصل ]( {[2000]} ) للواو في الهمز( {[2001]} ) على هذا .

قوله : ( أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) [ 50 ] . أي : تمام أربعين ليلة . وقيل : معناه أربعين ليلة بتمامها . فالأربعون داخلة في الميعاد( {[2002]} ) .

قوله : ( اتَّخَذتُّمُ العِجْلَ مِن بَعْدِهِ ) [ 50 ] .

أي إلهاً ، والأصل( {[2003]} ) ، اتَّخَذَ ، يَتَّخِذُ ، وهو " افْتَعَل " من الأخذ ، وكثر في كلامهم فجعلوه بمنزلة ذوات الواو والياء التي تكون في موضع الفاء من الفعل . وهي تكون( {[2004]} ) تاء في " افتعل " وما تصرف منه ، وتدغم في تاء( {[2005]} ) " افتعل " . فأصل( {[2006]} ) التاء الأولى همزة / وقد قيل : أصلها تاء من " تخذت " ( {[2007]} ) .

وقال الأخفش : " أصلها همزة حملت على ذوات الواو . لأن الهمزة( {[2008]} ) قد تدخل على الواو فيبدل كل واحدة من الأخرى " ( {[2009]} ) .

وقد قيل في لغة : " أَخَذْتُهُ وأَخَذَهُ الله بذلك ، وَوَاخَذَهُ( {[2010]} ) " . فصارت " اتخذ " مثل " اتعد " .

قال( {[2011]} ) ابن عباس : " لما امتنع فرس فرعون أن يدخل به البحر ، تمثل له( {[2012]} ) جبريل عليه السلام على فرس أنثى فتقحم خلفها ودخل بفرعون ، وكان السامري قد عرف جبريل لأن أمه خافت عليه الذبح ، فخلَّفته في غار فانطبقت عليه الغار . فكان جبريل عليه السلام يأتيه فيغدوه( {[2013]} ) بأصابعه ، فيجد في إحدى أصابعه لبناً وفي الأخرى/ عسلاً وفي( {[2014]} ) الأخرى سمناً . فلم يزل يغدوه( {[2015]} ) حتى نشأ ، فلما رأى جبريل عليه السلام عرفه ، / فأخذ من أثر فرسه قبضة من تراب ، ورفعها عنده ، وكان موسى صلى الله عليه وسلم( {[2016]} ) إذ( {[2017]} ) أمر بني إسرائيل أن يخرجوا من أرض( {[2018]} ) . مصر ، أمرهم أن يستعيروا الحلي من القبط( {[2019]} ) ويخرجوا به معهم . فلما تجاوز البحر وغرق آل فرعون استخلف موسى هارون( {[2020]} ) على بني إسرائيل ، ومضى لوَعْدِ ربه عز وجل ، فقال لهم هارون : اجمعوا الحلي وادفنوه حتى يأتي موسى ، فإن أحلَّها( {[2021]} ) لكم أخذتموها . فجمعوا الحلي في حفرة ، وألقي [ في روع ]( {[2022]} ) السامري/ أنه لا يلقي تلك القبضة على شيء فيقول : كن كذا إلا كان ، فقذفها في الحفرة وقال : كن عجْلاً جسداً له خوار ، فصار الحلي كذلك ، تدخل الريح من دبره وتخرج( {[2023]} ) من فيه ، يُسمع لها صوت ، فقال لهم السامري : ( هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ )( {[2024]} ) ؛ أي نسي موسى صلى الله عليه وسلم إلهه عندكم ، ومضى( {[2025]} ) يطلبه كأنه قد نسي . فعكفوا على العجل يعبدونه فنهاهم هارون صلى الله عليه وسلم وقال : ( إِنَّمَا فُتِنْتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَانُ فَاتَّبِعُونِي ) [ طه : 89 ] . فأبوا حتى يرجع موسى [ صلى الله عليه وسلم ] " ( {[2026]} ) .

وقيل( {[2027]} ) : إنه كان يمشي ويخور .

واسم السامري : موسى بن( {[2028]} ) ظفر( {[2029]} ) ، واعتزل هارون بمن معه ممن( {[2030]} ) لم يعبد( {[2031]} ) العجل فلذلك قال له موسى : ( فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ )( {[2032]} )( {[2033]} ) .

قال ابن عباس : " إن موسى صلى الله عليه وسلم( {[2034]} ) لما قطع البحر وأغرق الله آل فرعون ، قالت بنو إسرائيل لموسى : إئتنا بكتاب من ربنا كما وعدتنا ، وزعمت أنك تأتينا به إلى شهر . فاختار موسى سبعين رجلاً لينطلقوا معه ، فلما تجهزوا ، قال الله لموسى : أخبِر قومك أنك لن تأتيهم أربعين ليلة وذلك حين تمت بعشر ، وهي( {[2035]} ) عشر من ذي الحجة مع ذي القعدة( {[2036]} ) .

والهاء [ في ]( {[2037]} ) من " بعده " تعود على موسى صلى الله عليه وسلم( {[2038]} ) . وقيل : تعود على( {[2039]} ) انطلاق موسى إلى الجبل( {[2040]} ) .


[1992]:- في ع2، ع3: عجمي.
[1993]:- في ق: شق البحر. وهو تحريف.
[1994]:- في ح، ع3: آسية بنت مزاحم.
[1995]:- في ع3: فسماه.
[1996]:- في ق: أضيف. وهو تحريف.
[1997]:- انظر: جامع البيان 2/60-61، وتفسير القرطبي 1/395.
[1998]:- في ع2، ق: فمؤنثه. وهو تصحيف.
[1999]:- في ع2، ع3: صلحت.
[2000]:- في ع1، ع2، ق: الأصل. وهو تحريف.
[2001]:- في ع3: للهمز. وهو تحريف.
[2002]:- انظر: تفسير القرطبي 1/396-397.
[2003]:- في ع1، ح، ق: أصل.
[2004]:- سقط من ع2، ع3.
[2005]:- في ع3: التاء. وهو تحريف.
[2006]:- في ع3: في أصل. وهو تحريف.
[2007]:- انظر: اللسان: 1/28.
[2008]:- في ع2: الهمز.
[2009]:- في ع3: الآخرة.
[2010]:- في ع1، ع2، ق: وواحدة. وفي ع3: وواحده. وكلاهما تصحيف.
[2011]:- في ع2: فقال.
[2012]:- سقط من ع2.
[2013]:- في ق: فيغذيه.
[2014]:- في ع1، ح، ق: أو.
[2015]:- في ق: يغذيه.
[2016]:- سقط قوله: "وسلم" من ع1.
[2017]:- في ع2، ع3: لما.
[2018]:- في ع2: الأرض.
[2019]:- في ع2: القبض. وهو تحريف.
[2020]:- في ع3: هارون عليه السلام.
[2021]:- في ع3: أخلها. وهو تصحيف.
[2022]:- في ع2: بروع.
[2023]:- في ع1، ق: يخرج.
[2024]:- [طه آية: 86].
[2025]:- في ع2: فمضى.
[2026]:- انظر: جامع البيان 2/63-64، والمحرر الوجيز 1/217-218.
[2027]:- في ق: قال.
[2028]:- في ع1، ح، ق: ابن. وتصويبه من ع2، ع3، ومن جامع البيان 2/67.
[2029]:- في ع1: طغر. وفي ع2، ع3: طعن. وتصويبه من ح ومن جامع البيان 2/67.
[2030]:- سقط من ع2.
[2031]:- في ع3: يعبدوا.
[2032]:- طه آية 92.
[2033]:- انظر: جامع البيان 2/67. وهذا التفسير مردود لمخالفته لصريح قوله تعالى: (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي. قَالَ يَبْنَؤُمّ لاَ تَاخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِيَ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) [طه: 91-92].
[2034]:- سقط قوله: "وسلم" من ق.
[2035]:- في ع3: من.
[2036]:- في ع3: القعدة كلها، فذلك أربعين ليلة.
[2037]:- سقط من ع1، ع2، ق، ع3.
[2038]:- انظر: مشكل الإعراب: 1/94، والبيان 1/82.
[2039]:- في ع3: إلى.
[2040]:- انظر: مشكل الإعراب 1/94، والبيان 1/82.