الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذۡ فَرَقۡنَا بِكُمُ ٱلۡبَحۡرَ فَأَنجَيۡنَٰكُمۡ وَأَغۡرَقۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ} (50)

قوله : ( وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ البَحْرَ ) [ 49 ] .

أي جعلناه اثني( {[1958]} ) عشر طريقاً على عدد( {[1959]} ) الأسباط . ولما أتى موسى صلى الله عليه وسلم( {[1960]} ) البحر كناه أبا خالد وضربه ، فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ، أي كالجبل( {[1961]} ) العظيم .

( وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) [ 49 ] . قيل( {[1962]} ) : إنهم كانوا ينظرون إلى آل فرعون يغرقون وهم ينجون( {[1963]} ) .

وقيل : أخرجوا لهم حتى رأوهم( {[1964]} ) .

وقيل : كانوا ينظرون انفلاق( {[1965]} ) البحر لهم( {[1966]} ) .

وقال الفراء : " تنظرون : تعلمون( {[1967]} ) " ، واستبعد أن ينظروا إليهم في ذلك الوقت لأنهم كانوا في شغل عن ذلك( {[1968]} ) .

وكان فرعون قد خرج في طلب موسى صلى الله عليه وسلم في سبعين ألفاً( {[1969]} ) من دُهْم الخيل خاصة ، وموسى صلى الله عليه وسلم بين يديه حتى قابله البحر ، فقال أصحاب موسى : ( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ )( {[1970]} ) . قال موسى صلى الله عليه وسلم : كلا إن معي ربي سيهديني للنجاة قد وَعَدني ذلك ، وهو لا يخلف الميعاد . وكان قد أوحى الله إلى موسى صلى الله عليه وسلم( {[1971]} ) أن أضرب بعصاك البحر ، وأمر البحر أن ينفلق إذا ضربه موسى صلى الله عليه وسلم( {[1972]} ) فبات( {[1973]} ) البحر يضرب بعضه بعضا فرقاً من الله تعالى ، فضربه موسى صلى الله عليه وسلم( {[1974]} ) بالعصا فانفلق فسلك موسى صلى الله عليه وسلم/ ببني إسرائيل وأتبعه فرعون وجنوده . ولما أتى فرعون في أثر موسى صلى الله عليه وسلم( {[1975]} ) وهو على حصان فأراد الدخول فهرب( {[1976]} ) الحصان من البحر فعرض له جبريل( {[1977]} ) على فرس أنثى فقربها منه فشمها( {[1978]} ) ثم تقدم معها [ الحصان عليه فرعون حتى دخل ، ثم دخل آل( {[1979]} ) فرعون في أثره ، وجبريل صلى الله عليه وسلم أمامه( {[1980]} ) ] ، وميكائيل من وراء القوم على فرس يستحثهم حتى إذا فصل جبريل من البحر ليس قدامه أحد . وبقي ميكائيل من الناحية الأخرى ليس خلقه أحد طبق عليهم البحر . فلما رأى فرعون ما رأى نادى : ( لاَ إِلَهَ إِلاَّ الذِي ءَامَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ )( {[1981]} ) وكان ذلك يوم عاشوراء( {[1982]} ) .

وروي عن ابن عباس أن موسى صلى الله عليه وسلم ليلاً كما قال تعالى : ( فَاسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً )[ الدخان : 22 ] ، فأتبعه فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث ، وكان موسى( {[1983]} ) صلى الله عليه وسلم في ستمائة ألف فاحتقرهم فرعون ، وقال حين اطلع عليهم : ( إِنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ) [ الشعراء : 54 ] [ الثلاث الآيات ]( {[1984]} ) ، ولما دخلوا البحر( {[1985]} ) وتفرق كل سبط على طريق ، قال السبط الذين( {[1986]} ) مع موسى صلى الله عليه وسلم لموسى( {[1987]} ) : أين أصحابنا ؟ قال( {[1988]} ) : سيروا/ فإنهم على طريق مثل طريقكم ، قالوا : لا نرضى حتى نراهم( {[1989]} ) . قال موسى صلى الله عليه وسلم : اللهم أعِنِّي على أخلاقهم السيئة . فأوحى الله إلى موسى صلى الله عليه وسلم أن يزيد عصاه على البحر في الحيطان فصار فيه كوى( {[1990]} ) ينظر بعضهم إلى بعض( {[1991]} ) .


[1958]:- في ع3: إثنا. وهو خطأ.
[1959]:- في ع2: عد.
[1960]:- قوله: "وسلم" سقط من ع3.
[1961]:- في ح، ق: الجبل، وفي ع3: كالجبال.
[1962]:- في ع2، ق: وقيل.
[1963]:- انظر: تفسير القرطبي 1/392.
[1964]:- المصدر السابق.
[1965]:- في ح، ق، ع3: انفراق.
[1966]:- انظر: جامع البيان 2/57.
[1967]:- في ق: يعلمون. وهو تصحيف.
[1968]:- انظر: معانيه 1/36. رد الطبري هذا التأويل واعتبر هذا النظر عن عيان لا عن علم. انظر: جامع البيان 2/58.
[1969]:- في ع3: ألف. وهو خطأ.
[1970]:- الشعراء آية 61.
[1971]:- قوله: "وسلم" سقط من ع3.
[1972]:- قوله: "وسلم" سقط من ع1.
[1973]:- في ع3: فذات. وهو تحريف.
[1974]:- قوله: "فبات موسى صلى الله عليه وسلم" ساقط من ع2، ق.
[1975]:- قوله: "وسلم" سقط من ع1.
[1976]:- في ع2: فهرب بها. وفي ع1، ح، ق: فهاب.
[1977]:- في ع3: جبريل، عليه السلام.
[1978]:- في ع2، ع3: فشماها. وهو تحريف.
[1979]:- سقط من ع2.
[1980]:- في ع3: فرعون على حصانه، واتبع الفرس حتى دخل في أثر جبريل صلى الله عليه وسلم.
[1981]:- يونس آية 90.
[1982]:- انظر: جامع البيان 2/51-52.
[1983]:- في ع1: لموسى. وهو تحريف.
[1984]:- في ع2: الثلاثة الآية. وفي ع3: الثلاثة الأيات.
[1985]:- سقط حرف الواو من ع2، ح، ع3.
[1986]:- في ع2: الذي.
[1987]:- في ع3: قالوا له.
[1988]:- في ع2: قال لهم.
[1989]:- في ق: تراهم. وهو تصحيف.
[1990]:- سقط من ق. والكوى جمع كوة، وهي الثقب في الجدار يدخل منه الضوء. انظر: اللسان: 3/319.
[1991]:- انظر: جامع البيان 2/52-53.