الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ إِنَّكُمۡ ظَلَمۡتُمۡ أَنفُسَكُم بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلۡعِجۡلَ فَتُوبُوٓاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمۡ فَٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ عِندَ بَارِئِكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (54)

قوله( {[2055]} ) : ( فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ ) [ 53 ] الآية .

قال السدي : " لما رجع موسى صلى الله عليه وسلم إلى قومه قال : ( يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً )( {[2056]} ) [ طه : 84 ] إلى قوله : ( فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ )( {[2057]} ) ، ثم أخذ العجل فحرقه [ فأبرده ]( {[2058]} ) بالمبرد فذراه في اليم ، ثم أمرهم موسى صلى الله عليه وسلم أن يشربوا من اليم فشربوا . فمن كان في قلبه محبة من العجل خرج على/ شاربه( {[2059]} ) الذهب ، وهو قوله : ( وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ )( {[2060]} ) . فلما/ علموا أنهم قد ضلوا ندموا ، فلم يقبل الله توبتهم إلا أن يقتل بعضهم بعضاً ، فذلك قوله : ( فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) إلى ( التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) . فصفوا صفين ، ثم اجتلدوا( {[2061]} ) بالسيوف والخناجر( {[2062]} ) ، فكان من قتل شهيداً( {[2063]} ) .

قال علي بن أبي طالب( {[2064]} ) : " كان الرجل يقتل أباه وأخاه حتى قتل منهم سبعون ألفاً ، فأوحى الله إليه : ( مرهم فليرفعوا )( {[2065]} ) القتل فقد رحمتُ من قتل وتبت على من بقي " ( {[2066]} ) .

وروي أنهم قالوا لموسى صلى الله عليه وسلم : كيف يَقْتُلُ الرجل( {[2067]} ) أخاه وقريبه ؟ فقال موسى : إن الله [ تعالى يأمر الذين عبدوا( {[2068]} ) ] العجل أن يجثوا ، ويأخذ الذين لم يعبدوا العجل السيوف . وقال الله جل ذكره لموسى عليه السلام : إني سأنزل سحابة سوداء حتى لا يبصر بعضهم بعضاً ، ثم أمر الذين لم يعبدوا العجل أن يضربوا بالسيوف ففعلوا فقتلوهم أجمعين/ . فلما ارتفعت السحابة اشتد على موسى وعليهم ما صنعوا ، فقال الله جل ذكره : يا موسى أما يرضيك أني أدخلت القاتل والمقتول الجنة ؟ قال : بلى يا رب " ( {[2069]} ) .

وقال ابن( {[2070]} ) شهاب : " لما أمرت بنو إسرائيل بقتل أنفسها برزوا ومعهم موسى( {[2071]} ) فاضطربوا بالسيوف والخناجر ، وموسى صلى الله عليه وسلم( {[2072]} ) رافع يديه يدعو ، حتى إذا فتر( {[2073]} ) أتاه بعضهم فقال : يا نبي الله : ادع الله لنا . وأخذوا بعضديه يسندون يديه ، فلم يزل( {[2074]} ) أمرهم على ذلك حتى قبل الله توبتهم وقبض أيديهم/ فألقوا السلاح . وأحزن( {[2075]} ) موسى صلى الله عليه وسلم و[ بني إسرائيل الذي( {[2076]} ) ] كان من القتل منهم ، فأوحى الله جل ذكره إلى موسى : ما يحزنك ؟ أما من قتل ، فحَيّ عندي يُرزَق ، وأما من بقي فقد قبلت توبته( {[2077]} ) ، فسُرّ بذلك موسى صلى الله عليه وسلم وبنو إسرائيل( {[2078]} ) .


[2055]:- سقط من ح، ق.
[2056]:- سقط من ع3.
[2057]:- طه آية 86.
[2058]:- سقط من ع1، ع2، ح، ق.
[2059]:- في ع3: شفتاه. وهو خطأ.
[2060]:- البقرة آية 92.
[2061]:- في ع1: اجتلد.
[2062]:- في ق: الحناجر. وهو تصحيف.
[2063]:- انظر: جامع البيان 2/74-75.
[2064]:- في ع3: طالب رضي الله عنه.
[2065]:- في ع3: مر بهم يرفعوا.
[2066]:- انظر: تفسير ابن كثير 1/92، والدر المنثور 1/169.
[2067]:- سقط من ع2، ع3.
[2068]:- في ع3: يأمر الذين يعبدون.
[2069]:- أورد الطبري معناه عن ابن عباس. انظر: جامع البيان 2/73-74.
[2070]:- سقط من ق. وفي ع3: بن. وهو خطأ.
[2071]:- في ح، ع3: موسى صلى الله عليه وسلم.
[2072]:- سقط قوله "صلى الله عليه وسلم" من ح، ق.
[2073]:- في ق ع3: أفتر.
[2074]:- سقط من ع2.
[2075]:- في ع2: أجزى. وهو تحريف.
[2076]:- في ع2، ع3: بنو إسرائيل الذين. وهو خطأ.
[2077]:- في ق: نوبته، وهو تصحيف.
[2078]:- انظر: جامع البيان 2/75-76، وتفسير ابن كثير 1/92-93، والدر المنثور 1/169.