البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{مَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لِتَشۡقَىٰٓ} (2)

وقرأ الجمهور { ما أنزلنا عليك القرآن } ومعنى { لتشقى } لتتعب بفرط تأسفك عليهم وعلى كفرهم وتحسرك على أن يؤمنوا كقوله { لعلك باخع نفسك } والشقاء يجيء في معنى التعب ومنه المثل : أتعب من رائض مهر .

وأشقى من رائض مهر .

قال الزمخشري : أي ما عليك إلاّ أن تبلغ وتذكر ولم يكتب عليك أن يؤمنوا لا محالة بعد أن لم تفرط في أداء الرسالة والموعظة الحسنة انتهى .

وقيل : أريد رد ما قاله أبو جهل وغيره مما تقدم ذكره في سبب النزول .

و { لتشقى } و { تذكرة } علة لقوله { ما أنزلنا } وتعدى في { لتشقى } باللام لاختلاف الفاعل إذ ضمير { ما أنزلنا } هو لله ، وضمير { لتشقى } للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولما اتحد الفاعل في { أنزلنا } و { تذكرة } إذ هو مصدر ذكر ، والمذكر هو الله وهو المنزل تعدى إليه الفعل فنصب على أن في اشتراط اتحاد الفاعل خلافاً والجمهور يشترطونه .

وقال الزمخشري : فإن قلت : أما يجوز أن تقول : ما أنزلنا عليك القرآن أن تشقى كقوله { أن تحبط أعمالكم } قلت : بلى ولكنها نصبة طارئة كالنصبة في { واختار موسى قومه }