اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{مَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لِتَشۡقَىٰٓ} (2)

فصل

قال الكلبي{[22980]} : لمَّا أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بمكة{[22981]} اجتهد في العبادة حتى كان{[22982]} بين قدميه في الصلاة لطول قيامه ، وكان يصلي الليل كله ، فأنزل الله هذه الآية ، وأمره أن يخفف على نفسه فقال : { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ القرآن لتشقى } [ طه : 2 ] .

وقيل : لما رأى المشركون اجتهاده في العبادة قالوا : إنَّك لتشقى حين تركت دين آبائك أي : لتتعنَّى وتَتْعَب وما أنزل عليك القرآن يا محمد لشقائك ، فنزلت : " مَا أنْزَلْنَا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقَى " . وأصلُ الشقاء في اللغة العناء{[22983]} .

وقيل المعنى{[22984]} : إنَّك لاَ ترم على كفر قومك كقوله : { لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ }{[22985]} وقوله { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } [ الأنعام : 106 ] ، أي : إنك لا تؤاخذ بذنبهم .

وقيل : إنَّ هذه السورة من أوائل ما نزل بمكة ، وكان عليه السلام في ذلك الوقت مقهوراً{[22986]} تحت ذل الأعداء ، فكأنه تعالى قال : لا تظن أنَّك تبقى أبداً على هذه الحالة ، بل يعلو أمرك ويظهر قدرك فإنا ما أنزلنا عليك مثل هذا القرآن لتبقى شقيًّا فيما بينهم بل لتصير معظماً مكرماً{[22987]} .


[22980]:من هنا نقله ابن عادل عن البغوي 5/409 – 410.
[22981]:بمكة: سقط في الأصل.
[22982]:كان: سقط من ب.
[22983]:آخر ما نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 5/409 – 410.
[22984]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 22/4.
[22985]:الآية: (22) من سورة الغاشية.
[22986]:في الأصل: كان مقهورا.
[22987]:آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي 22/4.