قوله{[49092]} تعالى{[49093]} ذكره : { وعد الله الذين آمنوا منكم }[ 53 ] ، إلى قوله{[49094]} { والله{[49095]} عليم حكيم }[ 57 ] .
أي وعد الله المؤمنين منكم أيها الناس ، وعملوا الأعمال الصالحات { ليستخلفنهم في الأرض } قيل : {[49096]} : أرض{[49097]} المشركين بعد النبي . فأخبر الله نبيه ووعده أنه سيمكن من آمن به من ملك أرض العدو ، وأنه سيستخلفهم{[49098]} في تلك آمنين{[49099]} ، فكان ما وعده به ، وهذا من أدل ما يكون على صحة نبوة{[49100]} محمد عليه{[49101]} السلام لأنه أخبر بما يكون{[49102]} ، فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم ، فلا يكون ذلك إلا عن وحي من الله إليه بذلك ، ولا يجوز أن يكون هذا الإخبار من متخرص يصيب ويخطئ{[49103]} ، ويصيب{[49104]} بعضا ويخطئ{[49105]} في بعض{[49106]} لأنه قد كان كل{[49107]} ما وعدهم به ، لم يمتنع منه شيء ، والمتخرص يقع خبره كذبا في أكثر أقواله{[49108]} ، وربما وافق بعض ما أخبر به وأخطأ في بعض ، ولا يصيب المتخرص{[49109]} في كل{[49110]} ما وعد به ، فلما كان كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم{[49111]} لم يمتنع منه شيء{[49112]} علمنا أنه بوحي{[49113]} ، والوحي لا يكون إلا للنبي والرسول الصادق في أخباره ، فكان في{[49114]} ذلك دلالة على نبوة محمد عليه السلام{[49115]} . لأن الله تعالى{[49116]} ذكره قد أنجز له وعده . وفيها دلالة على خلافة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي رضي الله عنهم ، وعلى أمانتهم ، لأنه لم يستخلف بعد رسول الله أحد ممن خوطب بهذه الآية غيرهم . لأن هذه الآية نزلت{[49117]} قبل فتح مكة .
وقال{[49118]} النبي صلى الله عليه وسلم : الخلافة بعدي{[49119]} ثلاثون سنة . {[49120]} وهذا موافق للآية{[49121]}ومعنى : { كما استخلف الذين من قبلهم }[ 53 ] ، عني{[49122]} به بنو إسرائيل إذ أهلك الله{[49123]} الجبابرة بالشام وجعلهم ملوكها وسكانها ، فدل{[49124]} ذلك أن الله هو الذي استخلفهم في الأرض ، وبأمره{[49125]} صاروا خلفاء وأئمة ، وأنهم كانوا يعبدون الله تعالى{[49126]} لا يشركون به شيئا .
ثم قال تعالى{[49127]} : { وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم }[ 53 ] ، أي : ليوطنن لهم دينهم وهو الإسلام الذي ارتضاه لهم وأمرهم به ، وإنما جاء { ليستخلفنهم }{[49128]} .
ثم قال : { يعبدونني }[ 53 ] ، أي : يخضعون لي بالطاعة ، لا يشركون في عبادتهم في الأوثان والأصنام ، و " يعبدون " : حال أي وعدهم في هذه الحال ، ويجوز أن يكون مستأنفا على الثناء عليهم . ويروى{[49129]} أن بعض أصحاب النبي عليه السلام{[49130]} شكى إليه ما هم فيه من العدو ، وتضييقه عليهم ، وشدة الخوف ، وما يلقون من الأذى / فنزلت هذه الآية بالوعد{[49131]} الجميل لهم . فأنجزه الله لهم ، وملكهم ما وعدهم وأظهرهم على عدوهم .
قال{[49132]}أبو العالية : مكث{[49133]} النبي عليه{[49134]} السلام عشر سنين خائفا ، يدعو{[49135]} إلى الله سرا وجهرا ثم أمر بالهجرة إلى المدينة فمكث بها{[49136]} وأصحابه خائفين يصبحون في السلاح ، ويمسون فيه{[49137]} ، فقال رجل : ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ، ونضع هنا{[49138]} السلاح .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم{[49139]} كلمة معناها : لا تَغْبُرُون إلا يسيرا ، حتى يجلس الرجل منكم في الملإ العظيم محتبيا ليس بيده حديدة ، فأنزل الله هذه الآية .
وقوله : { ومن كفر بعد ذلك }{[49140]}[ 53 ] ، أي : من كفر بالنعمة لا بالله قاله : أبو العالية{[49141]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.