الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡـٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (55)

قوله{[49092]} تعالى{[49093]} ذكره : { وعد الله الذين آمنوا منكم }[ 53 ] ، إلى قوله{[49094]} { والله{[49095]} عليم حكيم }[ 57 ] .

أي وعد الله المؤمنين منكم أيها الناس ، وعملوا الأعمال الصالحات { ليستخلفنهم في الأرض } قيل : {[49096]} : أرض{[49097]} المشركين بعد النبي . فأخبر الله نبيه ووعده أنه سيمكن من آمن به من ملك أرض العدو ، وأنه سيستخلفهم{[49098]} في تلك آمنين{[49099]} ، فكان ما وعده به ، وهذا من أدل ما يكون على صحة نبوة{[49100]} محمد عليه{[49101]} السلام لأنه أخبر بما يكون{[49102]} ، فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم ، فلا يكون ذلك إلا عن وحي من الله إليه بذلك ، ولا يجوز أن يكون هذا الإخبار من متخرص يصيب ويخطئ{[49103]} ، ويصيب{[49104]} بعضا ويخطئ{[49105]} في بعض{[49106]} لأنه قد كان كل{[49107]} ما وعدهم به ، لم يمتنع منه شيء ، والمتخرص يقع خبره كذبا في أكثر أقواله{[49108]} ، وربما وافق بعض ما أخبر به وأخطأ في بعض ، ولا يصيب المتخرص{[49109]} في كل{[49110]} ما وعد به ، فلما كان كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم{[49111]} لم يمتنع منه شيء{[49112]} علمنا أنه بوحي{[49113]} ، والوحي لا يكون إلا للنبي والرسول الصادق في أخباره ، فكان في{[49114]} ذلك دلالة على نبوة محمد عليه السلام{[49115]} . لأن الله تعالى{[49116]} ذكره قد أنجز له وعده . وفيها دلالة على خلافة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي رضي الله عنهم ، وعلى أمانتهم ، لأنه لم يستخلف بعد رسول الله أحد ممن خوطب بهذه الآية غيرهم . لأن هذه الآية نزلت{[49117]} قبل فتح مكة .

وقال{[49118]} النبي صلى الله عليه وسلم : الخلافة بعدي{[49119]} ثلاثون سنة . {[49120]} وهذا موافق للآية{[49121]}ومعنى : { كما استخلف الذين من قبلهم }[ 53 ] ، عني{[49122]} به بنو إسرائيل إذ أهلك الله{[49123]} الجبابرة بالشام وجعلهم ملوكها وسكانها ، فدل{[49124]} ذلك أن الله هو الذي استخلفهم في الأرض ، وبأمره{[49125]} صاروا خلفاء وأئمة ، وأنهم كانوا يعبدون الله تعالى{[49126]} لا يشركون به شيئا .

ثم قال تعالى{[49127]} : { وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم }[ 53 ] ، أي : ليوطنن لهم دينهم وهو الإسلام الذي ارتضاه لهم وأمرهم به ، وإنما جاء { ليستخلفنهم }{[49128]} .

ثم قال : { يعبدونني }[ 53 ] ، أي : يخضعون لي بالطاعة ، لا يشركون في عبادتهم في الأوثان والأصنام ، و " يعبدون " : حال أي وعدهم في هذه الحال ، ويجوز أن يكون مستأنفا على الثناء عليهم . ويروى{[49129]} أن بعض أصحاب النبي عليه السلام{[49130]} شكى إليه ما هم فيه من العدو ، وتضييقه عليهم ، وشدة الخوف ، وما يلقون من الأذى / فنزلت هذه الآية بالوعد{[49131]} الجميل لهم . فأنجزه الله لهم ، وملكهم ما وعدهم وأظهرهم على عدوهم .

قال{[49132]}أبو العالية : مكث{[49133]} النبي عليه{[49134]} السلام عشر سنين خائفا ، يدعو{[49135]} إلى الله سرا وجهرا ثم أمر بالهجرة إلى المدينة فمكث بها{[49136]} وأصحابه خائفين يصبحون في السلاح ، ويمسون فيه{[49137]} ، فقال رجل : ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ، ونضع هنا{[49138]} السلاح .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم{[49139]} كلمة معناها : لا تَغْبُرُون إلا يسيرا ، حتى يجلس الرجل منكم في الملإ العظيم محتبيا ليس بيده حديدة ، فأنزل الله هذه الآية .

وقوله : { ومن كفر بعد ذلك }{[49140]}[ 53 ] ، أي : من كفر بالنعمة لا بالله قاله : أبو العالية{[49141]} .


[49092]:ز: وقوله.
[49093]:"تعالى ذكره" سقطت من ز.
[49094]:ز: لقوله.
[49095]:اسم الجلالة ساقط من ز.
[49096]:"انظر: ابن جرير 18/158، وزاد المسير 6/58.
[49097]:"أرض" ساقطة من ز.
[49098]:ز: مستخلفهم.
[49099]:ز: آمنين.
[49100]:ز: ثبوت.
[49101]:ز: صلى الله عليه وسلم.
[49102]:بعدها في ز: من.
[49103]:ز: ويخطأ.
[49104]:ز: ويصبن.
[49105]:ز: ويخطأ.
[49106]:ز: بعضا.
[49107]:ز: كلما.
[49108]:ز: "أحواله" تصحيف.
[49109]:ز: المخرص.
[49110]:ز: كلما.
[49111]:"عليه" سقطت من ز.
[49112]:ز: شيئا.
[49113]:ز: يوحى إليه الوحي.
[49114]:"في" سقطت من ز.
[49115]:ز: صلى الله عليه وسلم.
[49116]:"تعالى ذكره" سقطت من ز.
[49117]:انظر: الواحدي ص247، والسيوطي ص202.
[49118]:انظر: الواحدي بن حنبل 5/660-661، وانظر: القرطبي 12/298.
[49119]:"بعدي" سقطت من ز.
[49120]:ز: فهذا.
[49121]:ز: الآية.
[49122]:انظر: القرطبي 12/299، والنهر الماد 2/1/554، ومجمع البيان 18/67.
[49123]:لفظ الجلالة سقطت من ز.
[49124]:بعدها في ز: على.
[49125]:ز: وأمره.
[49126]:"تعالى" سقطت من ز.
[49127]:"تعالى" سقطت من ز.
[49128]:ز: ليستخلفهم.
[49129]:انظر: أحكام القرآن لابن العربي3/1392، والقرطبي 12/297.
[49130]:"عليه السلام" سقطت من ز.
[49131]:ز: فالوعد.
[49132]:انظر: ابن جرير 18/160، وأحكام القرآن لابن العربي 3/1392، والكشاف3/73، والقرطبي 12/297، والبحر6/469، والدر المنثور18/215-216، وأبو السعود 4/109، وفتح القدير4/49.
[49133]:ز: مكة.
[49134]:ز: صلى الله عليه وسلم.
[49135]:ز: يدعوا.
[49136]:ز: بها.
[49137]:ز: في السلاح.
[49138]:"عنا" سقطت من ز.
[49139]:صلى الله عليه وسلم سقطت من ز.
[49140]:ع: "فمن" كفر من بعد ذلك منكم". ز. "فمن كفر من بعد ذلك" وكل هذا تحريف.
[49141]:انظر: ابن جرير 18/160، والدر المنثور18/216.