الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مِن قَبۡلُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلۡفُرۡقَانَۗ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٞ ذُو ٱنتِقَامٍ} (4)

وقوله ( هُدىً لِّلنَّاسِ )( {[9342]} ) : يعني اليهود والنصارى ، وهذا كله رد على من جحد القرآن .

وكان سبب هذه السورة في نزولها بالتوحيد ، وذكر يحيى وعيسى : أن طائفة من النصارى قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة( {[9343]} ) من نجران( {[9344]} ) فحاجوه في عيسى وألحدوا ، فأنزل الله في أمرهم وأمر عيسى من هذه السورة نيفاً( {[9345]} ) وثمانين آية من أولها ، احتجاجاً عليهم ، ودعاهم النبي صلى الله عليه السلام( {[9346]} ) إلى الإسلام فقالوا : قد أسلمنا فقال صلى الله عليه وسلم : كذبتم . يمنعكم من الإسلام ادعاؤكم لله ولداً ، وعبادتكم الصليب ، وأكلكم الخنزير ، فأبوا إلا( {[9347]} ) المقام على كفرهم ، فدعاهم إلى المباهلة( {[9348]} ) ، فأبوا ذلك وسألوه أخذ الجزية( {[9349]} ) فقبلها( {[9350]} ) ، وانصرفوا إلى بلادهم( {[9351]} ) .

وكان( {[9352]} ) من أول ما سألوه أن قالوا : من أبو عيسى عليه السلام ؟ فسكت( {[9353]} ) النبي صلى الله عليه وسلم . فأنزل الله صدر السورة بتوحيده وتعظيمه رداً عليهم ، ووصف نفسه بالحياة( {[9354]} ) تقريعاً لهم ، لأنهم يعبدون عيسى وهو عندهم قد مات وقال : ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الاَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ )( {[9355]} ) . وقال : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ )( {[9356]} ) .

وكن ممن قدم عليه ثلاثة( {[9357]} ) رؤساء ( لهم )( {[9358]} ) منهم : أحدهم العاقب( {[9359]} ) ، وهو عبد المسيح .

والآخر : السيد( {[9360]} ) ، وهو الأيهم .

والثالث أبو حارثة بن علقمة( {[9361]} ) ، أخو بكر بن وائل .

والإنجيل " الأصل من : نجلته " ( {[9362]} ) الشيء : أخرجته ، ويقال نجله أبوه أي : جاء به وجمعه أناجيل ، وهو إفعيل( {[9363]} ) وجمع التوراة : توار .

قوله : ( مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) ، ( أي )( {[9364]} ) لما قبله من كتاب( {[9365]} ) ورسول " ( {[9366]} ) .

قوله : ( وَأَنْزَلَ الفُرْقَانَ ) .

هو ما يفرق به بين الحق والباطل في أمر عيسى( {[9367]} ) .

وقيل : في أحكام الشرائع( {[9368]} ) ، وقيل : فيهما( {[9369]} ) .

قوله : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ )( {[9370]} ) الآية [ 4 ] .

أي : إن الذين جحدوا بآيات الله وقالوا : إن عيسى ولده واتخذوه إلهاً ( لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ) .


[9343]:- (د): المدينتي.
[9344]:- نجران: اسم لعدة أماكن ببلاد العرب أشهرها نجران اليمن، انظر: معجم البلدان 5/266. والروض المعطار: 573.
[9345]:- (د): ينفي: وهو تحريف.
[9346]:- (د): عليه وسلم.
[9347]:- ألى، وهو خطأ.
[9348]:- الابتهال في الدعاء: الاسترسال فيه والتضرع، ومن فسر المباهلة باللعن فلأجل أن الاسترسال في هذا المقام لأجل اللعن. انظر: مجاز القرآن 1/96 وتفسير الغريب: 106. والمفردات: 61 واللسان 14/143.
[9349]:- الجزية: ما يؤخذ من أهل الذمة، وسميت بذلك للاجتزاء بها في حقن دمائهم. انظر: المفردات: 91.
[9350]:- (أ)، (د): فقلبها.
[9351]:- (ج): بلدهم.
[9352]:- (أ): وكانوا.
[9353]:- (ب): فسكة وهو خطأ.
[9354]:- (ج): الحيات، (د): الحيوة.
[9355]:- آل عمران آية 6.
[9356]:- آل عمران آية 59.
[9357]:- (ب): ثلة، وهو خطأ.
[9358]:- ساقطة من: (ب) و(د).
[9359]:- العاقب: كان أمير القوم وصاحب مشورتهم ولا يصدرون إلا عن رأيه. انظر: سيرة ابن هشام 1/573.
[9360]:- السيد: كان صاحب رحلهم ومجتمعهم انظر: سيرة ابن هشام 1/573، واللسان (عقب) 1/614.
[9361]:- أبو حارثة: كان حبرهم وأسْقُفَهم وإمامهم انظر: سيرة ابن هشام 1/573.
[9362]:- (أ) و(ج): نحلة وهو خطأ.
[9363]:- (أ) و(ج): فعيل.
[9364]:- ساقط من: (ب) و(د).
[9365]:- (ج): كتب.
[9366]:- من.. والإنجيل إلى رسول إن لم يكن مقحماً على النص فلعل مكياً استدرك به ما فاته من شرح لهذه الكلمات، فهل هو حقاً استدراك؟ أم أنها طريقته في التعامل مع النص؟ الظاهر إنها طريقته، وهي تتكرر في باقي الصفحات وسأنبه على ذلك في حينه.
[9367]:- انظر: هذا التوجيه في جامع البيان 3/167، وانظر: أيضاً معاني الزجاج: 1/375.
[9368]:- رأي ذكره الطبري ولم ينسبه 3/167.
[9369]:- انظر: جامع البيان 3/167.
[9370]:- (أ) و(ج) اللها.