تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مِن قَبۡلُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلۡفُرۡقَانَۗ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٞ ذُو ٱنتِقَامٍ} (4)

الآية 4 وقوله تعالى : { من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان } من بعد . وقال بعضهم { هدى للناس } أي بيانا لهم وحجة لمن اهتدى وحجة على من عمي ؛ إذ لا يحتمل أن يكون له هدى وعليه حجة ، فيه الهلاك ، إنما يكون حجة له وهدى إذا اهتدى ، وعليه إذ أنزل الاهتداء . فبان أنه بخلاف ما يقول المعتزلة .

وقوله تعالى : { وأنزل الفرقان } قد ذكرنا في ما تقدم أنه إنما سمي فرقانا لوجهين :

أحدهما : لما فرق آياته ، وفرق إنزاله ، والثاني : لما يفرق بين الحق والباطل وبين الحرام والحلال{[3588]} وبين ما يتقى ، ويؤتى . فعلى هذا كل كتاب مبين{[3589]} فيه الحلال ومبين{[3590]} ما يتقي ، ويؤتى . والإنجيل [ قيل فيه : سمي ]{[3591]} إنجيلا لما يجلي ، وهو من الإظهار في اللغة ، وقيل : سمي التوراة توراة من أوريت الزند ، وهو كذلك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إن الذين كفروا بآيات الله } قيل : بحجج الله ، وقيل : { كفروا بآيات الله } أي بالله لأنهم إذا كفروا بآياته كفروا به ، وكذلك الكفر بدينه كفر به ، والبراءة من دينه براءة منه ، والبراءة من رسوله براءة منه .

وقوله تعالى : { والله عزيز ذو انتقام } قيل فيه بوجهين : قيل : { ذوا انتقام } لأوليائه من أعدائه ، وقيل : { ذو انتقام } ذو انتصار على الأعداء ، وقيل : ذو بطش شديد .


[3588]:من م، في الأصل: والباطل.
[3589]:في الأصل وم: مبينا.
[3590]:في الأصل وم: وبين.
[3591]:في الأصل وم: فيه يسمى.