ثم قال تعالى : { فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم } أي : فأعرضت سبأ عن طاعة الله وقبول ما أتاهم به الرسل فأرسلنا عليهم سيل العرم .
قال وهب بن منبه : بعث الله جل جلاله إلى سبأ ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم فأرسل عليهم سيل العرم{[55879]} .
قال ابن عباس : " العرم " الشديد السيل{[55880]} .
وقال عطاء اسم الوادي{[55881]} .
وروي ذلك عن ابن عباس قال : واد كان باليمن وكان يسيل إلى مكة{[55882]} قال قتادة : ذكر لنا أن العرم وادي بسبأ كانت تجتمع إليه مسايل من الأودية فعمدوا فسدوا ما بين الجبلين بالقار والحجارة ، وجعلوا عليه أبوابا وكانوا يأخذون من مائة ما احتاجوا ويسدون ما لا يحتاجون{[55883]} . قال الضحاك : كانت أودية اليمن تسيل كلها إلى واد سبأ وهو العرم فسدوا ما بين الجبلين فحجزوه بالصخر والقار فاستد زمانا من الدهر{[55884]} .
قال قتادة : فأرسل الله عليهم جرذا{[55885]} فهدم عرمهم أي سدهم ومزق الله جناتهم وخرب أرضهم عقوبة لهم{[55886]} .
وقيل : بل كثر الماء عليهم وغلب حتى هدم السد فغرق الجنات وأفسدها .
وعن ابن عباس : أنه إنما حاد السيل الذي كان يسقي جنتيهم عن مجراه فلم يسقها فهلكت .
وروي أن العرم مما بنته بلقيس{[55887]} صاحبة سليمان وذلك أن قومها اقتتلوا على الماء فاعتزلتهم ، فسألوها الرجوع على أن يطيعوها فرجعت وأمرتهم فسدوا ما بين الجبلين فحبست الماء من وراء السد ، وجعلت له أبوابا بعضها فوق بعض وبنت من دونه بركة ضخمة ، وجعلت فيها اثني عشر مخرجا على عدة أنهارهم ، فإذا أتى المطر احتبس السيل من وراء السد ، فأمرت بالباب الأعلى ففتح فيجري ماؤه في البركة ، ثم كذلك حتى ينتفعوا بجميع الماء{[55888]} .
والعرم بكلام اليمن المسناة{[55889]} .
وقال المبرد : العرم كل ما حاجز بين شيئين{[55890]} .
وروي أن الله جل ذكره أرسل عليهم ماء أحمر فشق السد وهدمه وحفر الوادي ، فارتفعت حفتاه عن الجنتين فغاب عنهما الماء فيبستا ، ولم يكن الماء الأحمر من السد ، إنما كان عذابا أرسله الله عليهم من حيث شاء{[55891]} .
ثم قال تعالى : { وبدلناهم بجنتيهم جنتين } أي : جعلنا لهم مكان الجنتين اللتين كانتا تثمر عليهم أطيب الفواكه { جنتين ذواتي أكل خمط } .
قال ابن عباس : هو الأراك{[55892]} وهو قول الحسن ومجاهد وقتادة والضحاك{[55893]} .
وقال ابن زيد : أبدلوا مكان العنب أراكا ومكان الفاكهة أثلا ، وبقي لهم شيء من سدر قليل{[55894]} فالأثل على هذا ثمر الأراك .
وقال الخليل : الخمط الأراك{[55895]} فهذا يدل على قطافه كأنه قال ثمر أراك ومن نون{[55896]} جعل الثاني بدلا من الأول .
قال المبرد : الخمط كل ما تغير إلى ما لا يشتهي يقال خمط اللبن إذا حمض{[55897]} .
وقال أبو عبيدة : الخمط كل شجرة فيها مرارة ذات شوك{[55898]} .
وقال القتبي : يقال للحامضة خمطة ، وقيل : الخمطة التي قد أخذت شيئا من الريح{[55899]} .
والأثل : الطرفاء قاله ابن عباس{[55900]} .
وقيل : هو شجر يشبه الطرفاء{[55901]} .
وقيل : هو السمر{[55902]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.