الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمَا كَانَ لَهُۥ عَلَيۡهِم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يُؤۡمِنُ بِٱلۡأٓخِرَةِ مِمَّنۡ هُوَ مِنۡهَا فِي شَكّٖۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَفِيظٞ} (21)

قوله تعالى ذكره : { وما كان له عليهم من سلطان }21 إلى قوله : { في ضلال مبين }24 .

أي ما كان لإبليس على أصحاب الجنتين وغيرهم ممن اتبعه من حجة يضلهم بها إلا سلطناه عليهم لنعلم من يطيعه فينكر الجزاء والبعث ممن يعصيه فيؤمن بالجزاء والبعث ، وذلك أمر قد علمه الله جل ذكره ولكن المعنى : لنعلم ذلك علم مشاهدة فعليها يقع الجزاء والثواب .

وقيل : المعنى : إلا لنعلم ذلك عندكم كما قال : { أين شركائي }{[55948]} أي : على قولكم وزعمكم{[55949]} .

فقوله : " إلا لنعلم " ليس في الظاهر بجواب لقوله : { وما كان له عليهم من سلطان } أي : من حجة لكنه محمول على المعنى ، لأن معنى { وما كان له عليهم من سلطان } ما جعلنا له عليهم من سلطان إلا لنعلم . فبهذا يتصل بعض الكلام ببعض ويظهر المعنى .

ثم قال تعالى : { وربك على كل شيء حفيظ } أي : وربك يا محمد على أعمال هؤلاء الكفرة وغير ذلك من الأشياء كلها حفيظ لا يغرب عنه علم شيء مجاز جميعهم بما كسبوا أي في الدنيا من خير وشر .


[55948]:القصص: آية 62
[55949]:انظر: إعراب النحاس 3/344