الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ وَٱللَّهُ يَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (67)

قوله : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) الآية [ 69 ] .

والمعنى : أن الله تعالى : أكد على النبي في تبليغ ما أنزل إليه من ربه ، لأنه كان يرفق( {[17162]} ) بالناس في أول الإسلام وابتدائه( {[17163]} ) ، فأمر بالاجتهاد في التبليغ( {[17164]} ) .

وقوله : ( وَإِن لَّم تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتِهِ ) أي : إن تركت آية وكتمتها( {[17165]} ) ، لم تبلغ رسالته( {[17166]} ) ، قاله ابن عباس( {[17167]} ) . وقيل : المعنى : إن ( لم )( {[17168]} ) تبلغ ذلك معلناً ، غير مُتَوَقّ أمراً( {[17169]} ) ، فما بلغت( {[17170]} ) ، وهو مثل قوله ( فَاصْدَعْ بِمَا تُومَرُ )( {[17171]} ) .

وقوله : ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) أي : أمره( {[17172]} ) تعالى بالتبليغ ، وأخبره بالعصمة من الناس( {[17173]} ) .

قال ابن جبير : لما( {[17174]} ) نزلت ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحرسوني ، فإنّ ربي قد عصمني( {[17175]} ) . وكان ناس من أصحابه يتعقبونه( {[17176]} ) في الليل( {[17177]} ) ، فلما نزلت ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) ، قال : يا أيها " الناس " ( {[17178]} ) إِلْحَقُوا بملاحقكم ، فإن الله قد عصمني من الناس( {[17179]} ) . وروي أن النبي كان إذا نزل منزلاً ، اختار( {[17180]} ) له أصحابه شجرة يقيل( {[17181]} ) تحتها ، فأتاه أعرابي( {[17182]} ) فخرط( {[17183]} ) سيفه ثم قال : من يمنعك مني ؟ فقال النبي : الله ، فرعدت( {[17184]} ) يد الأعرابي وسقط السيف من يده ، وضرب برأسه الشجرة حتى ( انْتَثَرَ( {[17185]} ) ) دماغه ، فأنزل الله ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )( {[17186]} ) . وقيل : كان " النبي " صلى الله عليه( {[17187]} ) يخاف قريشاً ، فلما نزلت هذه الآية ، استلقى ثم قال : من شاء فَلْيَخْذُلني( {[17188]} ) ، مرَّتين أو ثلاثاً( {[17189]} ) .


[17162]:- ب: يوفق.
[17163]:- ب: افتدايه. وذلك أنه عليه السلام كان: "يجاهر ببعض القرآن ويخفي بعضه إشفاقاً على نفسه" وعلى أصحابه. انظر: التفسير الكبير 12/48.
[17164]:- معنى هذا الكلام في تفسير الطبري 10/467، وانظر: التفسير الكبير 12/48، وأحكام القرطبي 6/242.
[17165]:- ب: كتمها.
[17166]:- ج د: رسالاته.
[17167]:- انظر: تفسير الطبري 10/468، وأحكام القرطبي 6/242.
[17168]:- ساقطة من ج د.
[17169]:- في تفسير الطبري 10/467: "وأن لا يَتَّقي أحداً في ذات الله". وتوقّى واتقى بمعنى، وهو التحرز من الآفة والأذى: انظر: اللسان: وقي هذا و"مُتَوَقّ" متفعل من "تَوَقّي".
[17170]:- انظر: معاني الزجاج 2/290.
[17171]:- الحجر: 94.
[17172]:- ب: سر أمره.
[17173]:- انظر: تفسير الطبري 10/472. وإعراب النحاس 1/509.
[17174]:- ب: ولما.
[17175]:- انظر: تفسير الطبري 10/468.
[17176]:- ب: يعصمونه.
[17177]:- ج د: بالليل.
[17178]:- ساقطة من ب.
[17179]:- هو قول عبد الله بن شقيق في تفسير الطبري 10/469، وأخرجه الترمذي في التفسير: انظر: جامع الأصول 2/118، 119.
[17180]:- ب: احتار.
[17181]:- ب: بقيل.
[17182]:- د: أعربي.
[17183]:- ج: بخرط "و"اخترط السيف: سله من غمده... وهو "افتعل" من الخرط" اللسان: خرطَ.
[17184]:- وفي اللسان: رعد: "أَرْعَدَهُ فارْتَعَدَ، وأُرْعِدَت فرائصه عند الفزع. تُرْعَدُ فَرَائِصهما: أي: تَرجف وتضطرب من الخوف".
[17185]:- في موضعها بياض في ب.
[17186]:- هي رواية ابن كعب في تفسير الطبري 10/470.
[17187]:- ساقطة من ب ج.
[17188]:- ج: أن يخذلني.
[17189]:- هو قول ابن جريج في تفسير الطبري 10/471.