الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡـٔٗا مَّذۡكُورًا} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الإنسان {[1]}

مكية {[2]}

قوله تعالى : ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ) إلى قوله تعالى : ( سميعا بصيرا ) {[72188]} .

" هل " [ في هذا ] {[72189]} الموضع خبر لا جحد {[72190]} . وفي الكلام معنى [ التقرير ] {[72191]} ، كأنه قال : قد أتى على الإنسان {[72192]} [ ز ] {[72193]}من طويل لم يكن شيئا مذكورا .

وهذا كما تقول للرجل- [ تقرره ] {[72194]} : هل أكرمتك ؟ وقد [ أكرمه ] {[72195]} ، هل أحسنت {[72196]} إليك ؟ وقد أحسن إليه {[72197]} . وتكون " هل " جحودا {[72198]} في غير هذا الموضع ، نحو قول الرجل لآخر : هل يفعل هذا أحد ؟ ! بمعنى : لا يفعل هذا أحد ، وتكون استفهاما وهو بابها {[72199]} .

وقد أجاز ابن كيسان أن تكون " هل " في الآية استفهاما على بابها ، كما تقول : هل بقيت في أمرك ؟

والإنسان في الآية : آدم عليه السلام ، قاله قتادة {[72200]} وغيره . قال قتادة : إنما [ خلق ] {[72201]} الإنسان حديثا ، وما نعلم من خليقة الله عز وجل كانت بعد الإنسان {[72202]} ، يقول : خلْق الإنسان آخر سائر ما خلق من الخلق {[72203]} .

والحين ( ها هنا ) {[72204]} يراد به طول مكث آدم وهو طينة . وذلك أربعون {[72205]} سنة في ما روي . فكان في ذلك الوقت شيئا غير مذكور {[72206]} .

وقيل : الحين هنا غير معلوم ، [ الله يعلمه ] {[72207]} . وقيل : الإنسان هنا يراد به الجنس {[72208]} فأما الإنسان الثاني فهو للجنس [ بلا اختلاف ] {[72209]} ، وقال مالك : الحين هنا : ما مضى قبل ذلك من أمر الدهر كله ومن قبل أن يخلق آدم .


[1]:أ: إذ.
[2]:حكاه في المحرر 16/262.
[72188]:- أ: هل أتى إلى قوله فجعلناه سميعا بصيرا.
[72189]:- م: هذا في.
[72190]:- ث: جحدوا.
[72191]:- م، ث: التقدير.
[72192]:- انظر مجاز أبي عبيدة 2/279 والغريب لابن قتيبة: 502 حيث حكاه عن المفسرين وتفسير القرطبي 19/118، ومغني اللبيب 1/388-89.
[72193]:- ساقط من م، ث.
[72194]:- م: تقروه.
[72195]:- م: أكرمني.
[72196]:- ث: أحسن.
[72197]:- انظر معاني الفراء 3/213 وجامع البيان 29/202.
[72198]:- أ، ث: جحدا.
[72199]:- انظر المحرر 16/182.
[72200]:- انظر جامع البيان: 29/202 وأخرجه عن سفيان أيضا وهو قول السدي وعكرمة أيضا في تفسير الماوردي: 4/365 وتفسير القرطبي: 19/119 وقول الجمهور في زاد المسير: 8/428.
[72201]:- م: خلقنا.
[72202]:- انظر: جامع البيان: 29/202 والدر: 8/366.
[72203]:- هي الرواية الثانية عن قتادة، انظر المصدرين السابقين.
[72204]:- ساقط من أ.
[72205]:- أ: أربعين.
[72206]:- انظر تفسير الماوردي: 4/365 حيث حكى هذا المعنى عن ابن عباس في رواية أبي صالح. وفي زاد المسير: 8/428 هو قول الجمهور.
[72207]:- م: الله يعلم، أ: والله يعلمه.
[72208]:- في تفسير الماوردي 4/365 عن ابن عباس وابن جريج أنه "كل إنسان" وعنهما أنه جميع الناس في زاد المسير 8/428 قال "فعلى هذا يكون الإنسان اسم جنس" وقد أجازه النحاس في إعرابه: 5/95.
[72209]:- م: بالاختلاف. وانظر إعراب النحاس: 5/95 وتفسير الماوردي 4/366 حيث حكاه عن جميع المفسرين وانظر تفسير القرطبي 19/120.