تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَنَادَىٰهَا مِن تَحۡتِهَآ أَلَّا تَحۡزَنِي قَدۡ جَعَلَ رَبُّكِ تَحۡتَكِ سَرِيّٗا} (24)

الآية 24 : وقوله تعالى : { فناداها من تحتها } ، وقوله{[11950]} : { من تحتها } اختلف فيه . قال بعضهم : ناداها مَلَكُ . وقال بعضهم : ناداها ابنها عيسى . قال أبو بكر الأصم : لا يحتمل أن يكون الذي ناداها ملكا ، لأنه قال { من تحتها } ولو كان ملكا لناداها من فوقها . لكن هذا ليس بشيء ، لأن الملك إنما ينادي من حيث يؤمر : من تحت ، ومن فوق .

وقال بعض أهل التأويل : ناداها جبريل من تحت الوادي : { ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا } .

والأشبه أن يكون ابنها عيسى لأنها كانت تَحزن أن تُشْتَمَ ، وتقذف به . فعيسى إذا تكلم ، وصار بذلك المحل تسر هي بذلك لما تعلم أنه ينفي عنها بعض ما طُعنَت به ، وقُذِفَت .

ويَحْتَمِل حُزْنُها من وجه آخر ، وهو أنها كانت حزنت خوفا على نفسها وعلى ولدها لأنها أقامت في مكان ، لا ماء فيه ، ولا طعام . فخافت على نفسها وولدها الهلاك . فحزنت لذلك . فبشرت حين{[11951]} قال لها : { ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا } َأَمَّنَهَا عن الخوف الذي كان .

ثم السري : قال بعضهم من أهل التأويل هو الجَدوَل ، وهو النهر الصغير .


[11950]:في الأصل و م: و.
[11951]:في الأصل و م: حيث.