تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلشَّهۡرُ ٱلۡحَرَامُ بِٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡحُرُمَٰتُ قِصَاصٞۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡ فَٱعۡتَدُواْ عَلَيۡهِ بِمِثۡلِ مَا ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ} (194)

الآية 194 وقوله تعالى : ( الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ) ؛ قيل : خرج النبي صلى الله في الشهر الحرام ، يريد مكة ، فصده المشركون عن دخولها ، فجاء من عام قابل في الشهر الحرام ، فدخلها ، وأقام ثلاثا ، وقضى عمرته التي فاتته في العام الأول ، فسميت عمرة القضاء . فذلك تأويل قوله : ( والحرمات قصاص ) . هذه الثانية صارت قصاصا بالأول . وقيل : إن الجاهلية كانوا يعظمون الشهر الحرام ، ولا يقتلون فيه ، فلما ظهر الإسلام عظمه{[2242]} أهل الإسلام ، أيضا ولم يقاتلوا فيه حتى جعل الكفار يغيرون على أهل الإسلام ، ويستنصرون عليهم ، حتى نسخ ذلك ، وأمروا بالقتال فيه بقوله : ( والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ) [ البقرة : 217 ] كأنه قال : ما هتكتم من حرمة الشهر قصاص لما هتكوا .

وقوله : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) قد ذكرنا فيما تقدم{[2243]} ، وقوله : ( واتقوا الله ) يحتمل اتقوا مخالفة الله ، [ ويحتمل ]{[2244]} اتقوا عذاب الله ، وقوله : ( واعلموا أن الله مع المتقين ) يعني مع المؤمنين جملة ، ويحتمل : اتقوا القتال في الحرم قبل أن يبدؤوا هم{[2245]} فإن الله مع المتقين في النصر والمعونة لهم .


[2242]:في النسخ الثلاث: عظم.
[2243]:- كان ذلك في تفسير الآيات: 190 و 191 و 192.
[2244]:- من ط ع.
[2245]:- في الأصل و م: يبدؤهم. في ط ع: يبدؤا هم.