تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيۡـٔٗا وَهُوَ شَرّٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (216)

الآية 216 وقوله تعالى : ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) الآية{[2429]} . والكراهة المذكورة ههنا والمحبة كراهة الطباع والنفس لا كراهة الاختيار ، ولا يكون في كراهة الطباع خطاب ، لأن طبع كل أحد ينفر عن القتال والمجاهدة مع العدة ، لا أنهم{[2430]} كرهوا ذلك كراهة الاختيار ؛ لأنه لا يحتمل أن يكون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمرون بالقتال والمجاهدة مع العدو ، ثم هم يكرهون ما أمروا به اختيارا منهم ، لأن ذلك دأب أهل النار . فثبت أنه على ما ذكرنا من نفور كل طبع عن احتمال الشدائد والمشقة وكراهيته .

وقوله : ( عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ) يحتمل هذا في القتال خاصة ، وهو أن يكونوا كرهوا القتال لما فيه من المشقة والشدة ، ( وهو خير لكم ) لما فيه من الفتوح والظفر وسعة العيش ومنال الثواب والدرجات في الآخرة . ( وعسى أن تحبوا شيئا ) يعني التعود على الجهاد ( وهو شر لكم ) لما فيه من اجتراء{[2431]} العدو والأسر والقتل والذل والصغار وقطع الثواب في الآخرة{[2432]} . ويحتمل هذا في كل أمر يحب [ الرجل ]{[2433]} في الابتداء ، وتكون عاقبته شرا ، ويكره أمرا فتكون عاقبته خيرا له ؛ هذا لجهلنا بعاقبة الأمور وخواتيمها لنعلم أن ليس إلينا من التدبير شيء ، {[2434]} والله أعلم .

وقوله : ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) أي ( والله يعلم ) ما هو خير لكم في العواقب مما هو شر لكم ( وأنتم لا تعلمون ) .


[2429]:- أرجت في ط ع تتمة الآية بدل هذه الكلمة
[2430]:- من ط ع، في الأصل و ط م: لأنهم.
[2431]:- من ط ع، في الأصل و م: الفتوح والظفر من اجتراء
[2432]:- أدرج بعدها في الأصل و م: هذا.
[2433]:- من ط ع.
[2434]:- في النسخ الثلاث في شيء.