تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ} (285)

الآية 285 وقوله تعالى : { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله } ؛ قوله { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون } يحتمل وجهين ؛ [ يحتمل آمن بنفس المنزل ]{[3528]} { بما أنزل إليه من ربه } . أنه من عند الله وكذلك{[3529]} المؤمنون أيضا آمنوا بما انزل إليه أنه من عند الله تعالى ، ويحتمل قوله{[3530]} : { آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله } أنه من عند الله بما في المنزل إليه ، وكان فيه ما ذكر{[3531]} { آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله } إلى قوله : { وإليك المصير } ، وكذلك المؤمنون آمنوا بجميع ما في المنزل ، وهو ما ذكرنا .

وفيه دليل أن الإيمان بالمنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم إيمان بجميع الرسل والكتب كلها والملائكة والبعث والجنة والنار . وفيه دلالة نقض من يشك في إيمانه ، ويستثني ؛ لأنه جل وعلا شهد لهم بالإيمان ، فلا يخلو الاستثناء : إما أن يكون لشكهم في إتيان ما أمروا وإما في الذي أخبر الله عنه بما كان ، ففيه الويل لهم . وفيه دلالة نقض قول المعتزلة لأنه شهد لهم بالإيمان ، وهم نفروا عنهم الاسم الذي شهد الله لهم به بالإيمان به وبالذي ذكر . وكل صاحب كبيرة مؤمن بجميع ما ذكر ، وقد سماهم الله به مؤمنين ، وشهد لهم به ، والله الموفق .

فإن قيل : فقد [ ذكر الطاعة في آخرها ، وقيل ]{[3532]} : ذكر الطاعة في الإجابة ، وبتلك الإجابة شهد لهم ، فيلزمهم ما شهد الله لهم ، جل ، وعلا ، بما أجابوا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { لا نفرق بين أحد من رسله } . . . ويحتمل أن يكون هذا خبرا أخبر الله جل وعلا ، عن المؤمنين أنهم قالوا : { لا نفرق بين أحد من رسله } كما فرق اليهود والنصارى .

وقوله تعالى : { وقالوا سمعنا وأطعنا } يحتمل { سمعنا } قولك ودعاءك ، و{ أطعنا } في أطعناك في الإجابة ، ويحتمل : { سمعنا } القرآن ، و{ أطعنا } [ أي أطعناما ]{[3533]} فيه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { غفرانك } أي اغفر لنا ربنا { وإليك المصير } أي المرجع . وهذا جمع جميع شرائط الإيمان ، لذلك قلنا : إن الإيمان بجميع والأنبياء والبعث وغيره ، وبالله المعصية والنجاة .


[3528]:في م: أمن بنفس المنزل، في ط ع: ويحتمل آمن الرسول.
[3529]:في ط ع: بما.
[3530]:ساقطة من ط ع.
[3531]:من ط ع،ـ في الأصل وم: ذكرنا.
[3532]:من ط ع وم، ساقطة من الأصل.
[3533]:من ط ع، في الأصل: وأطعناك ما، في م: وأطعناك بما.