تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لِّلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَإِن تُبۡدُواْ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ يُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ فَيَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (284)

الآية 284 وقوله تعالى : { لله ما في السموات وما في الأرض } هو ظاهر ؛ إذ { ما في السموات وما في الأرض } كلهم عبيده وإماؤه ردا على قولهم : { عزير ابن الله } [ التوبة : 30 ] و{ المسيح ابن الله } [ التوبة : 30 ] والملائكة بنات{[3520]} الله ، وقد ذكرنا الوجه في ما تقدم{[3521]} في غير موضع .

وقوله تعالى : { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } من استدل على نسخها [ استدل ]{[3522]} بقوله { فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } لكنه لا يحتمل [ لأن الآية في ]{[3523]} وعد وخبر بالمحاسبة ، والوعد لا يحتمل النسخ لأنه خلف وبداء ، وذلك ممن يجهل بالعواقب . تعالى الله عز وجلا عن ذلك علوا كبيرا .

ثم اختلف فيه ؛ قال الحسن : ( هو على ما خطر بالنفس ) وكذا قوله [ صلى الله عليه وسلم ]{[3524]} : ( من هم [ بحسنة فلم يعلمها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له بعشرة أمثالها إلى سبعمئة وسبعة أمثالها ، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه ، فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة ) ]{[3525]} [ مسلم 128 ] .

ويحتمل [ أن يكون على ]{[3526]} التقديم والتأخير : إن تخفوا ما في أنفسكم أو تبدوه يحاسبكم به الله ، ويحتمل أيضا : { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه } وعزمتم عليه ، واعتقدتم ، لا على الخطر فيه أو حديث النفس أو ما روي : ( من هم بحسنة ) فله كذا ، ( ومن هم بسيئة ) [ مسلم 128 ] [ فله كذا ]{[3527]} ليس على ما يخطر فيه أو حديث النفس على ما روي ، وتحدث النفس به ، ولكن على العزم والاعتقاد ، وكذلك قوله : { ولقد همت به وهم بها } [ يوسف : 24 ] ؛ همت هي به ، هم : عزم ، وهو هم بها ؛ هم : خطر ، والمرء غير مؤاخذ بما يخطر في القلب ، وتحدث النفس به ، إنما يؤاخذ على ما عزم ، واعتقد عليه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } فيه دليل لما قلنا : إنه على العزم والاعتقاد عليه لما ذكرنا من العفو والعقوبة عليه .


[3520]:إشارة إلى قوله تعالى: {وخرقوا له بنين وبنات} [الأنعام: 100 و...].
[3521]:؟؟؟؟؟
[3522]:كان الذكر أولا في تفسير الآية (116).
[3523]:ساقطة من النسخ الثلاث.
[3524]:من ط ع، في الأصل وم: الآية.
[3525]:ساقطة من النسخ الثلاث.
[3526]:ساقطة من النسخ الثلاث.
[3527]:من ط ع، في الأصل وم: فكذا.