الآية 87 وقوله تعالى : { ولقد آتينا موسى الكتاب } يعني التوراة ، وهو ظاهر .
وقوله : { وقفينا من بعده بالرسل } وقيل { وقفينا } أردفنا ، وهو من القفا ؛ قفا يقفو ، وقيل : أتبعنا رسولا على إثر رسول{[1074]} كقوله :
{ فأتبعنا بعضهم بعضا } [ المؤمنون : 44 ] واحدا على إثر واحد .
وقوله : { وآتينا عيسى ابن مريم البينات } قيل : البينات الحجج ، وقيل : العجائب التي كانت تجري على يديه من خلق الطين ، وإحياء الموتى ، وإبراء الأكمه والأبرص ، وإنباء ما يأكلون ، وما يدخرون ، وقيل : البينات الحلال والحرام .
ثم الرسل أنفسهم{[1075]} حجج فلم يحتج [ كل قول يقولون إلى أن يكون مصحوبا ]{[1076]} بدليل وبيان على صدقهم لأنهم أنفسهم حجة . وأما سائر الناس فليسوا بحجج ، فلا بد لكل قول يقولون أن يأتوا بدليل يدل على صدقهم وبيان يظهر الحق من الباطل والصواب من الخطإ والصدق من الكذب ، وبالله التوفيق .
[ وقوله : { وأيدناه بروح القدس } ؛ قوله : { وأيدناه } وقويناه . واختلف في قوله : { بروح القدس } ]{[1077]} قيل : روح القدس : جبريل . في الأصل : القدوس ، لكن طرحت الواو [ والتضعيف ]{[1078]} للتخفيف . وتأييده ، هو أن عصمه على حفظه حتى لم يدن منه شيطان فضلا أن يدنو لشيء{[1079]} والله أعلم .
وقيل : { وأيدناه بروح القدس } يعني بالروح روح الله . ووجه إضافة روح عيسى إلى الله عليه السلام [ تعظيما له وتخصيصا ]{[1080]} وذلك أن كل خاص أضيف{[1081]} إلى الله تعالى [ أضيف ]{[1082]} تعظيما لذلك الشيء وتفضيلا كما يقال لموسى : كليم الله ولعيسى : روح الله ولإبراهيم : خليل الله على التعظيم والتفضيل . وإذا أضيف الحمل إلى الله عز وجل فإنما يضاف تعظيما له عز وجل كقوله : { رب السماوات والأرض } [ الرعد : 16 و . . . ] ؛ أضيف [ ذلك إليه تعظيما وتنزيها ، والله الموفق .
والأصل في ذلك أن خاصية الأشياء إذا أضيف ذلك إليه أضيف تعظيما لتلك الخاصية ، وإذا أضيف ]{[1083]} حمل الأشياء إلى الله فهو يخرج على تعظيم الرب تعالى والتبجيل له .
وقوله : { أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون } في ظاهر هذه الآية أنهم كذبوا فريقا من الرسل ، وقتلوا فريقا منهم . ويقول بعض الناس : إنهم قتلوا الأنبياء ، ولم يقتلوا الرسل بقوله : { إنا لننصر رسلنا } [ غافر : 51 ] وبقوله : { إنهم لهم المنصورون } [ الصافات : 172 ] ؛ أخبر أنه ينصرهم ، ومن كان الله ناصره فهو لا يقتل ، [ منهم ]{[1084]} من يقول : إنهم قتلوا الرسل والأنبياء ؛ فنقول : يحتمل قوله : { إنا لننصر رسلنا } في رسول دون رسول ، فمن نصره الله فهو لم يقتل ، أو كان ما ذكر من النصرة لهم كان بالحجج في الآيات .
ثم في الآية ، دلالة رسالة محمد [ عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات ]{[1085]} ونبوته لأنه{[1086]} أخبرهم بتكذيب بعض الرسل وقتل بعضهم ، فسكتوا عن ذلك . فلولا عرفوا أنه رسول ، عرف ذلك بالله تعالى ، وإلا لم يسكتوا عن ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.