بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَقَفَّيۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ بِٱلرُّسُلِۖ وَءَاتَيۡنَا عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَيَّدۡنَٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِۗ أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰٓ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِيقٗا كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ} (87)

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى الكتاب } ، أي أعطينا { موسى الكتاب } يغني : أعطينا موسى التوراة جملة واحدة ويقال : الألواح { وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بالرسل } ، أي أتبعنا وأردفنا ، معناه : أرسلنا رسولاً على أثر رسول . يقال : قفوت الرجل إذا ذهبت في أثره . { وَآتَيْنَا } أي أعطينا { عِيسَى ابن مَرْيَمَ البينات } ، أي الآيات والعلامات مثل : إحياء الموتى ، وإبراء الأكمه والأبرص ، { وأيدناه بِرُوحِ القدس } . قرأ ابن كثير { القدس } بسكون الدال ، وقرأ الباقون { القدس } برفع الدال ؛ ومعناهما واحد ، أي إغاثة بجبريل حين أرادوا قتله فرفعه إلى السماء . وقال بعضهم : { أيدناه } أي قويناه وأعناه باسم الله الأعظم الذي كان يحيي به الموتى .

{ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُم } يقول : بما لا يوافق هواكم { استكبرتم } ، تعظمتم عن الإيمان . قال الزجاج : معناه أنفتم أن تكونوا له أتباعاً . لأنهم كانت لهم رياسة وكانوا متبوعين ، فلم يؤمنوا مخافة أن تذهب عنهم الرياسة . فقال تعالى : { فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ } ، مثل عيسى ابن مريم ومحمد صلى الله عليهم وعلى جميع الأنبياء وسلم { وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ } ، مثل يحيى وزكريا عليهما السلام .