تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا} (110)

الآية 110 : وقوله تعالى : { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } يحتمل قوله : { ما بين أيديهم } قبل أن يخلقوا { وما خلفهم } بعد ما خلقوا ، أو كانوا : أو أن يكون قوله { ما بين أيديهم } ما قدموا من الأعمال { وما خلفهم } من بعدهم أو أن يكون قوله : { ما بين أيديهم } كناية عن الخير ، أي يعلم ما يعلمون من الخيرات { وما خلفهم } من الشرور وما نبذوا وراء ظهورهم .

وجائز أن يكون المراد من البين والخلف الأحوال كلها ، أي عالم بجميع أحوالهم وبكل شيء يكون منهم . وهو كقوله : { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } [ فصلت : 42 ] . أي لا يأتيه الباطل البتة ، لأنه ليس للقرآن بين ولا خلف ، ولكن المراد ما ذكرنا فعلى ذلك الأول .

وجائز أن يكون المراد منه ليس البين ولا الخلف ، ولكن [ المراد ] {[12449]} إخبار عن إحاطة علمه بهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ولا يحيطون به علما } هذا يحتمل وجهين :

[ أحدهما ] {[12450]} { ولا يحيطون به علما } ولكن إنما يعرفونه على قدر ما تشهد لهم الشواهد من خلقه ، لأن الخلق إنما يعرفون ربهم من جهة ما يشهد ، ويدل لهم من الدلالات من خلقه . والإحاطة بالشيء إنما تكون بما كان سبيل معرفته الحس والمشاهدات . فأما ما كان سبيل معرفته الاستدلال فإنه لا يحاط به العلم .

والثاني : { ولا يحيطون به علما } أي بعلمه كقوله : { ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء } [ البقرة : 255 ] وكقوله : { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا } { إلا من ارتضى من رسول } [ الجن : 26 و27 ] .


[12449]:ساقطة من الأصل وم.
[12450]:ساقطة من الأصل وم..