تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَنُوحًا إِذۡ نَادَىٰ مِن قَبۡلُ فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَأَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلۡكَرۡبِ ٱلۡعَظِيمِ} (76)

الآية 76 : وقوله تعالى : { ونوحا إذا نادى من قبل } قال بعضهم : من قبل إبراهيم وإسحاق ويعقوب لأنه ذكر هؤلاء على إثره . ثم اختلف في ندائه . قال بعضهم : نداؤه ، هو قوله : { فدعا ربه أني مغلوب فانتصر } [ القمر : 10 ] وقال بعضهم : نداؤه هو قوله : { قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا } { فلم يزدهم دعائي إلا فرارا } [ نوح : 5 و6 ] أو يكون ذلك قوله : { رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا } [ نوح : 26 ] وقوله : { رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا } الآية [ نوح : 28 ] وأمثاله .

وقوله تعالى : { فاستجبنا له فنجيناه وأهله } أهله أتباعه من أهله وغيرهم .

وقوله تعالى : { من الكرب العظيم } قال عامة أهل التأويل : { من الكرب العظيم } هو الغرق والهول الشديد الذي كان به .

وجائز أن يكون الكرب العظيم هو [ ما قاسى ] {[12719]} من قومه ، ولقي منهم بدعائه إياهم إلى دين الله في تسع مئة وخمسين عاما وما كانوا يسخرون به ، ويؤذونه من أنواع الأذى كقوله : { إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون } [ هود : 38 ] ونحو ذلك من الأذى الذي قاساه منهم ، فأنجاه من ذلك الكرب ، والله أعلم .


[12719]:من م، في الأصل: القاسي.