تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَعَلَّمۡنَٰهُ صَنۡعَةَ لَبُوسٖ لَّكُمۡ لِتُحۡصِنَكُم مِّنۢ بَأۡسِكُمۡۖ فَهَلۡ أَنتُمۡ شَٰكِرُونَ} (80)

الآية 80 : وقوله تعالى : { وعلمناه صنعة لبوس لكم } كقوله{[12737]} في آية أخرى : { ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير ألنا له الحديد } { أن اعمل سابغات وقدر في السرد } الآية [ سبأ : 10 و11 ] .

ثم يحتمل قوله : { وألنا له } أي علمناه السبب الذي به لين الحديد ، فيصنع به ما شاء كما علم غيره من الخلق السبب الذي به يلين الحديد .

ويحتمل أن جعل الحديد لينا بلا سبب تسخيرا له كما سخر له غيره من الأشياء الشديدة الصلبة كما أعطى ولده عين القطر حين{[12738]} قال : { وأسلنا له عين القطر } [ سبأ : 12 ] وذلك لم يكن لأحد سواه وكذلك الحديد . ألا ن لوالده حتى يعمل به ما شاء ما لم يكن ذلك لأحد{[12739]} سواه .

وقوله تعالى : { وعلمناه صنعة لبوس لكم } قيل : دروع الحديد { لتحصنكم من بأسكم } أي تقيكم من بأسكم أي من عدوكم ومن أمر حربكم .

وفيه قراءات{[12740]} : { لتحصنكم } بالتاء ، وليحصنكم بالياء ، ولنحصنكم بالنون . قال الكسائي : من قرأ بالتاء { لتحصنكم } أي الصنعة تحصنكم { من بأسكم } ومن قرأ بالياء ليحصنكم أي اللبوس يحصنكم { من بأسكم } ومن قرأ بالنون لنحصنكم فإنه يقول الله : نحصنكم نحن { من بأسكم } .

وقوله تعالى : { فهل أنتم شاكرون } ما أعطاكم من النعمة التي ذكر من تسخير الجبال له والطير والحديد والرياح وغيرها{[12741]} { فهل أنتم شاكرون } ذلك ، أي اشكروا له في نعمه ، لأن الاستفهام من الله على الإيجاب والإلزام .


[12737]:في الأصل و م:وقال.
[12738]:في الأصل و م: حيث.
[12739]:في الأصل و م: في حديد.
[12740]:انظر معجم القراءات القرآنية ج4/144.
[12741]:في الأصل و م: وغيره.