فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغۡوَ أَعۡرَضُواْ عَنۡهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ لَا نَبۡتَغِي ٱلۡجَٰهِلِينَ} (55)

ثم مدحهم سبحانه بإعراضهم عن اللغو ، فقال : { وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو أَعْرَضُواْ عَنْهُ } تكرّماً وتنزّهاً وتأدّباً بآداب الشرع ، ومثله قوله سبحانه : { وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِراماً } [ الفرقان : 72 ] واللغو هنا هو ما يسمعونه من المشركين من الشتم لهم ولدينهم والاستهزاء بهم { وَقَالُواْ لَنَا أعمالنا وَلَكُمْ أعمالكم } لا يلحقنا من ضرر كفركم شيء ، ولا يلحقكم من نفع إيماننا شيء { سلام عَلَيْكُمُ } ليس المراد بهذا السلام سلام التحية ؛ ولكن المراد به سلام المتاركة ؛ ومعناه : أمنة لكم منا وسلامة ، لا نجاريكم ولا نجاوبكم فيما أنتم فيه . قال الزجاج : وهذا قبل الأمر بالقتال { لاَ نَبْتَغِي الجاهلين } أي لا نطلب صحبتهم . وقال مقاتل : لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه . وقال الكلبي : لا نحبّ دينكم الذي أنتم عليه .

/خ57