تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡۚ وَمَن يَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗاۚ وَسَيَجۡزِي ٱللَّهُ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (144)

{ الآية 144 وقوله تعالى : { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } يحتمل هذا وجهين :

( أحدهما ){[4474]} يحتمل /70-ب/ والله أعلم أنكم لما آمنتم بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث لكم لم تؤمنوا به لأنه محمد صلى الله عليه وسلم ولكن آمنتم بالذي أرسله إليكم ، والمرسل حتى وإن كان محمدا صلى الله عليه وسلم قتل ، أو مات على زعمكم فكيف { انقلبتم على أعقابكم } ؟

قال الشيخ ، رحمه الله : وفي الآية خبر انقلاب من علم الله انه يرتد بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله عز وجل : { ومن يرتدد منكم عن دينه } ( البقرة 217 ) .

( وقوله : { الشاكرين }{[4475]} الذين جاهدوهم قد أخبر الله تعالى أنه { يحبهم ويحبونه } ( المائدة ) .

وقال الحسن : ( إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان والله إمام الشاكرين ) ويحتمل وجها وهو أن من كان قبلكم من قوم موسى وعيسى عليهما السلام كانوا يكذبون رسلهم ماداموا أحياء حتى قال لهم موسى عليه السلام : { يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم } ( الصف 5 ) وكذلك قال عيسى عليه السلام { يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا } الآية ( الصف 6 ) فإذا ماتوا ادعوا أنهم على دينهم وأنهم صدقوهم{[4476]} فيما دعوهم إليه وإن لم يكونوا على ذلك فلم ينقلبوا على أعقابهم{[4477]} فكيف تنقلبون على أعقابكم إن مات محمد صلى الله عليه وسلم أو قتل ؟ والانقلاب على الأعقاب على الكناية والتمثيل ليس على التصريح وهو الرجوع إلى ما كانوا عليه من قبل من الدين .

وقوله تعالى : { ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا } أي من يرتد بعد الإسلام { فلن يضر الله شيئا } لأنه لم يستعملهم لنفسه ، ولكن إنما استعملهم لأنفسهم ليستوجبوا بذلك الثواب الجزيل في الآخرة فإنما يضرون بذلك أنفسهم لا الله تعالى .

والثاني{[4478]} : أنه إنما يأمرهم ويكلفهم لحاجة أنفسهم لا أنه يأمر لحاجة نفسه . ومن أمر آخر في الشاهد إنما يأمر لحاجة نفس الأمر فإذا لم يأتمر لحقه{[4479]} ضرر نفسه ذلك الأمر . فإذا كان الله عز وجل يتعالى عن أن يأمر لحاجته فإنما يأمر لحاجة المأمور فإذا ترك أمره ضر نفسه وبالله التوفيق .

( وقوله تعالى ){[4480]} : { وسيجزي الله الشاكرين } قيل : الموحدين{[4481]} وقيل : الذين آمنوا وجاهدوا يجزيهم في الآخرة ، وكل متمسك بأمر الله ومؤتمر بأمره فهو شاكر .


[4474]:ساقطة من الأصل و م
[4475]:في الأصل و م: الشاكرون.
[4476]:من م، في الأصل: صدقوا.
[4477]:في الأصل و م: أعقابكم.
[4478]:هذا الوجه هو الثاني من الوجهين اللذين ذكرهما المؤلف في بدء تفسير الآية {وما محمد}
[4479]:في الأصل و م: لحق.
[4480]:ساقطة من الأصل و م.
[4481]:ساقطة من م.