تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ فَٱعۡبُدِ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ} (2)

قوله تعالى : { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ } يحتمل قوله عز وجل : { بالحق } أي بالحق الذي لله عليكم ، وبالحق الذي لبعضكم على بعض ويحتمل ما قال أهل التأويل : { بالحق } أي للحق ، أي أنزلناه للحق ، لم ننزله عبثا باطلا لغير شيء ، ولكن أنزلناه للحق لحقوق ولأحكام ومحن وأجور ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ } جائز أن يكون ما ذكر من إنزاله الكتاب بالحق ذلك الحق هو ما أمره من العبادة له ، أمره بوفاء ذلك الحق .

ثم يحتمل قوله : { فاعبد الله مخلصا له الدين } وجهين :

أحدهما : الأصل في الاعتقاد ، أي اعتقد جعل كل عبادة وطاعة لله خالصا ، لا تعتقد أحدا شريكا .

والثاني : في المعاملة ، أي كل عبادة وطاعة اجعله لله خالصا . لا تجعل لغيره فيه شركا ، والله أعلم .

وأما أهل التأويل فقد قالوا : { فاعبد الله } وحد الله { مخلصا له الدين } وتأويل هذا : أن اجعل الوحدانية والألوهية لله في كل شيء .