وقوله تعالى : { ولله ما في السماوات وما في الأرض } الآية . تأويل هذه الآية ، والله أعلم ، وإن أكرمهم ، وأعظم منزلتهم عنده ، وأعلاها ، فإنهم لم يأنفوا عن بعادته ، ولم يخرجوا أنفسهم من أن يكونوا عبيدا ، بل كلما{[6600]} ازداد لهم عند الله منزلة وقدر{[6601]} كانوا أخضع له وأطوع كقوله تعالى : { بل عباد مكرمون } { لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعلمون } ( الأنبياء : 26و27 ) وفي مواضع أخر{ لا يستكبرون من عباده } ( الأعراف : 206والنحل : 49 والأنبياء : 19 والسجدة : 15 ) { ولا يستحسرون } ( الأنبياء : 19 ) .
وقوله تعالى : { وكان الله بكل شيء محيطا } أي أحاط بكل شيء علمه . وهو يخرج على الوعيد ، أي( لا ){[6602]} عن جهل بصنعهم كملوك الأرض ، وبالله التوفيق .
وقوله عز وجل أيضا : { وكان الله بكل شيء محيطا } و{ بصير } ( البقرة : 96و . . . )و{ عليم } ( البقرة : 29و . . . ) ونحو ذلك يخرج على الوعيد والتخويف ليكونوا مراقبين له حذرين كمن يعلم في الأمور أن عليه رقيبا ، والله أعلم .
ويخرج على الثناء {[6603]} ( في وجهين :
أحدهما ){[6604]} : أنه أمر من يكتب الأعمال لا للخفاء عليه ، لكن بما إذ لا يمتحن لحاجة به ، ولكن لمصلحة عباده{[6605]} فيمتحن بما شاء . فامتحن أولئك الكتبة بما يكونون{[6606]} متقنين ناظرين لا يغفلون عن ذلك طاعة منهم لله .
والثاني : أن يكون العلم بمن يكتب عليه كل أمره في ما جبل عليه البشر أذكر له وأشد في التنبيه ، فجرى حكم الله في ذلك ، إذ أمر المحنة موضوع عن المصلحة ؛ وذلك أبلغ في الوجود ، والله أعلم .
ويخرج على أن الله تعالى بذلك{ محيطا } ليعلموا أنهم لا يتركون سدى ، بل يحصي عليهم للجزاء ، والله أعلم .
وجملة ذلك أن الله تعالى قال : { وكان } كذا لعلم أنه لا عن جهل خلق الخلق ، وبعث الرسل عليهم السلام وأنشأ الآيات مما عليه أمر الخلق أنهم يعاملون من ذكرت ، وذلك خارج على حق الحكمة ، وإن كان لا يعرف{[6607]} في بعث الرسل من يكذبهم ، ولا تقوية الأعداء على ما بذلك {[6608]} قهر الأولياء ، ولا الأمر والنهي لمن لا يأتمر ، ولا ينتهي ، كبير حكمة . وإنما كان ذلك من الله ، فهو خارج على حد الحكمة ، أو ذلك كله من الخلق يقع لحاجة أو لمنفعة ترجع إليهم . فإذا ناقض خرج الفعل من الحكمة .
فأما الله سبحانه وتعالى ( فإنه ){[6609]} يمتحن عباده ، ويبعث الرسل عليهم السلام لحاجة بالمبعوث إليهم وبالممتحنين ولمنافع ترجع إليهم ، فيكون ذلك منه كهدايا . /115-ب/ فمن لا يقبلها فنفسه( يضرها ويلحقها ){[6610]} بنحس ، فلا{[6611]} يرجع إليه ذلك ، ويزول {[6612]} ذلك المعنى الذي له خرج الفعل من الخلق عن الحكمة . فلزم القول بموافقة الحكمة والمصلحة ، ولا قوة إلا بالله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.