ولهذا قال بعد ذلك : { ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطاً } ليعلم أنه لم يتخذ إبراهيم خليلاً للمجانسة أو الاحتياج ، ولكنه اصطفاه لمجرد الفضل والامتنان ، وفيه أنه مع خلته لم يستنكف أن يكون عبداً له داخلاً تحت ملكه وملكه ، وفيه أن من كان في القهر والتسخير بهذه الحيثية وجب على كل عاقل أن يخضع لتكاليفه وينقاد لأوامره ونواهيه كما قال إبراهيم :{ أسلمت لرب العالمين }[ البقرة :131 ] وأيضاً إنه لما ذكر الوعد والوعيد وإنه لا يمكن الوفاء بهما إلاّ بالقدرة التامة على جميع الممكنات والعلم الكامل الشامل لجميع الكليات والجزئيات أشار إلى الأول بقوله : { ولله ما في السماوات وما في الأرض } وإلى الثاني بقوله : { وكان الله بكل شيء محيطاً } وإنما قدم القدرة على العلم لأن الفعل بحدوثه يدل على القدرة وبما فيه من الإحكام والإتقان يدل على العلم ، ولا ريب أن الاعتبار الأول مقدم على الثاني . وقال بعضهم : الإحاطة أيضاً ههنا بمعنى القدرة كقوله تعالى :
{ وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها }[ الفتح :21 ] ولا يلزم تكرار لأن الأول لا يدل إلا على مالك لكل ما في السماوات والأرض قادر عليهما والثاني يفيد القدرة المطلقة على جميع الأشياء وإن فرضت خارج السماوات والأرض ، وعلى أن سلسلة القضاء والقدر في جميع الممكنات إنما تنقطع بإيجاده وتكوينه وإبداعه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.