وقوله تعالى : { ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به } أخبر عز وجل أن الأمر ليس بالأماني ، ولكن إلى الله عز وجل ، فهو ، والله أعلم ، يحتمل أن يكون بالمنزلة والقدر عند الله لأنهم قالوا : { نحن أبناء الله وأحباءه } ( المائدة : 18 ) وقالوا : { لن تمسنا النار إلا أياما معدودات } ( آل عمران : 24 ) وغير ذلك . وأهل التأويل ذهبوا إلى غير هذا ، وقالوا : إن كل فريق منهم كانوا يقولون : إن ديننا خير من دينكم ، ونحن أفضل من هؤلاء ، فنزل{ ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب } .
وقوله تعالى : { ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا } وذلك وصف الكافر ألا يكون له ولي يتولى حفظه ، ولا نصير ينصره . ألا ترى أنه قال : { ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة } ؟ ( النساء : 124 ) ذكر للذين{[6563]} يعملون الصالحات ، وهم مؤمنون ، أن يدخلوا الجنة ، فهذا أيضا يدل أن قوله عز وجل { من يعمل سوءا يجز به } أراد به الشرك .
وقال آخرون : قوله عز وجل : { من يعمل سوءا يجز به } أي {[6564]} كل سوء يدخل فيه المسلم والكافر . ألا ترى أنه روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه لما نزلت هذه الآية ( أنه ){[6565]} قال : يا رسول الله كيف الفلاح بعد هذا ، وكل شيء علمناه{[6566]} جزيناه ؟ قال : غفر الله لك يا أبا بكر ! ألست تحزن ؟ ألست تغضب ؟ ألست تمرض ؟ ألست يصيبك الأذى ؟ فهذا ما يجزى{[6567]} به بجزائه{[6568]} المؤمن في الدنيا والكافر في الآخرة . فإن كان التأويل هذا فقوله تعالى : { ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا } إذا لم يرجع عن كفره ، ومات عليه ، وأما إذا رجع عن ذلك ، وتاب ، ومات على الإيمان فإنه يجد وليا ونصيرا ؛ ينصره الله تعالى ، وبالله التوفيق .
وقوله تعالى : { ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن } في الآية دليل أن الأعمال الصالحات غير الإيمان ، لأنه قال : { ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن } ولو كان ( العمل ){[6569]} إيمانا يصير{[6570]} كأنه قال : ومن يعمل الإيمان ، وهو مؤمن ، فدل بما{[6571]} ذكرنا أنها غير الإيمان . وفيه دلالة أيضا أن الأعمال الصالحة إنما تنفع إذا كان ثمة إيمان لأنه شرط فيها{[6572]} الإيمان بقوله تعالى : { وهو مؤمن } ؛ دل أن الأعمال الصالحة لا تنفع إذا لم يكن ثمة إيمان ، ولا قوة بالله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.