الآية 31 وقوله تعالى : { إن تجنبوا كبائر ما تنهون عنه } اختلف فيه فيقال بعضهم { كبائر } الشرك ، لأن كبائر الشرك أنواع : منها : الجحود ببعض الرسل عليهم السلام ومنها : جحود العبادات واستحلال المحرمات وتحريم المحللات وغير ذلك وكل ذلك شرك بالله . فقيل : أراد بالكبائر الشرك . فإذا اجتنب كبائر الشرك صارت ما دونها موعود لها المغفرة بالمشيئة بقوله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن ي شاء } ( النساء 48 ) وعد ب المغفرة لما دون الشرك ، وقرنه بمشيئته فهو في مشيئة الله تعالى : إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه وبالله التوفيق .
وقيل : أراد بالكبائر كبائر الإسلام ثم يحتمل وجهين بعد هذا : يحتمل ان تكون الصغائر مغفورة باجتناب الكبائر . ويحتمل أن تكون الصغائر مغفورة بالحسنات ألا ترى أنه قال في آخره : { نكفر عنكم سيئاتكم } ؟ والتكفير إنما يكون بالحسنات ؟ أو لا ترى أنه قال : { إن الحسنات يذهبن السيئات } ( هود 114 ) أخبر ان من السيئات ما يذهبها{[5413]} الحسنات .
ويحتمل أن يكون التفكير لها جميعا ، وإن لم تجتنب ألا ترى أنه قال في آية أخرى : { إن تبدوا الصدقات فنعما هي } إلى قوله عز وجل : { ويكفر عنكم سيئاتكم } ( البقرة 271 ) وقال عز وجل : { توبوا على الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم } ( التحريم 8 ) ألا ترى أنه روي عن انس رضي الله عنه ( أنه ){[5414]} قال ( قال ) {[5415]} رسول الله صلى الله عليه وسلم " شفاعتي نائله لأهل الكبائر من أمتي " ؟ ( أبو داوود 4739 ) وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه انه سمع امرأة تدعو : اللهم اجعلني من أهل شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ( فقال : ( مه فقولي : اللهم اجعلني من الفائزين ، فإن شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر ) {[5416]} ثم قرأ : { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } الآية ) .
ثم اختلف في كيفية الكبائر وماهيتها فقال بعضهم : ما اوجب / 92 –أ/ الحد فهو كبيرة من نحو الزنى والسرقة .
والقذف وغير ذلك وقال آخرون : الإشراك بالله وقتل النفس التي حرم الله بغير حقها واكل مال اليتيم واكل الربا وقول البهتان والفرار من الزحف . وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ( أنه قال ){[5417]} ( الكبائر تسع ) فقال ابن عباس رضي الله عنه : ( هن إلى التسعين أقرب ولكن لا كبيرة مع توبة ولا صغيرة مع إضرار ) .
وروي عن الحسن ( أنه ) {[5418]} قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما تقولون في الزنى والسرقة وشرب الخمر " ؟ ( الله ورسوله أعلم ) قال : " هن فواحش ، وفيهن عقوبة " . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر " ؟ قاولا : بلى يا رسول الله قال : " الإشراك بالله وعقوق الوالدين " قال : وكان متكئا فجلس ثم قال : " ألا وقول الزور ألا وقول الزور " قله ثلاثا " وقوله تعالى : { إن تجنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنه سيئاتكم } ( الطبراني في الكبير 8/140 ) رقم الحديث 293 ) ذكر تفكير السيئات إذا اجتنب الكبائر ولم يذكر الحكم إذا لم يجتنبها فليس فيه انه إذا لم يجتنب لا يكفر ، فهو في مشيئة اله ، إن شاء كفر ، عذبه وإن شاء عذبه ، على ما ذكرنا أن وجوب الحكم لا يوجب إيجاب ذلك الحكم في حال أخرى حظرا كان او حلالا ، والله أعلم .
ويقرأ في بعض القراءة : إن تجتنبوا كبير{[5419]} ما تنهون عنه فإن ثبت هذا فهو يدل على التأويل الذي ذكرنا آنفا أنه أراد بالكبائر كبائر الشرك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.