تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (40)

الآية 40 وقوله تعالى : { إن الله لا يظلم مثقال ذرة } وقوله تعالى : { ولا يظلمون قتيلا } ( النساء 49 والإسراء 71 ) ( وقوله تعالى ){[5626]} { ولا يظلمون نقيرا } ( النساء 124 ) وقوله تعالى ) {[5627]} { وما ربك بظلام للعبيد } ( فصلت 46 ) ذكر هذا والله أعلم لئلا يظن جاهل إذا رأى ألم الأطفال والصغار وما يحل بهم أن ذلك ظلم منه ، لكن ذلك والله أعلم ، ليعلم أن الصحة والسلامة إفضال من الله تعالى لهم لا لحق عليه{[5628]} ذلك إذ له أن يخلق كيف يشاء صحيحا أو سقيما .

ثم من ظلم ، أخبر في الشاهد فإنما يظلم لإحدى خلتين : إما لجهل بالعدل والحق ، وإما لحاجة تمسه ( تدفعه ، فتحمله ) {[5629]} فالله سبحانه وتعالى غني بذاته عالم لم يزل يتعالى أن تمسه حاجة ، أو يخفى عليه شيء مع ما كان معنى الظلم في الشاهد هو التناول مما{[5630]} ليس له وكل الخلائق من كل الوجوه له ، فلا معنى ثم للظلم .

ثم قيل في الذرة : إنها نملة وكذلك في حرف ابن مسعود رضي الله عنه مثقال نملة وقيل : مثقال حبة وهو على التمثيل ليس على التحقيق ذكر بصغر جثته أنه لا يظلم ذلك المقدار فكيف ما فوق ذلك ؟ لا أن مثله يحتمل أن يكون لكن لو كان فهو بتكوينه وبالله التوفيق .

وقوله تعالى : { وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما } هذا على المعتزلة لأنهم يقولون : من ارتكب كبيرة يخلد في النار ومعه حسنات كثيرة فأخبر عز وجل : { وإن تك حسنة يضعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما } وهي الجنة وهذا لسوء ظنهم وإياسهم من رحمته .

عم أنس رضي الله عنه أن{[5631]} النبي صلى الله عليه وسلم قال ، " إن الله تعالى لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها إما بذوق في الدنيا وإما بجزاء في الآخرة " ( مسلم 2808 ) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يقول الله تعالى : أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إحصان " ( بنحوه الطبراني في الصغير 861 ) قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ( فمن شك فيقرأ : { إن الله لا يظلم مثقال ذرة } ) .


[5626]:في الأصل و م:.
[5627]:ساقطة من الأصل و م.
[5628]:في الأصل و م: عليهم.
[5629]:في الأصل و م: يدفع فيحمله.
[5630]:في الأصل و م: عما.
[5631]:من م، في الأصل: على.