تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنۡهُ أَوۡ كَثُرَۚ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا} (7)

الآية 7 وقوله تعالى : { للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب } يحتمل أن تكون الآية ، والله أعلم ، نزلت بسبب ما لم يكن يورث أهل الجاهلية الإناث والنساء والصغار ويجعلون المواريث لذوي{[4867]} الأسنان من الرجال الذين{[4868]} يصلون للحرب ويحرزون الغنيمة ، فنزلت الآية بتوريث الرجال والنساء جميعا ، ويقال : إن الآية نزلت في شأن رجل يقال : أوس بن ثابت الأنصاري توفي وترك بنات وامرأة ، فقام رجلان من بني عمه ، وهما وصيان ، فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته ولا بناته شيئا ، فجاءت امرأة أوس بن ثابت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت ، وأخبرت بالقصة ، فقال لها : " ارجعي إلى بيتك حتى أنظر ما يحدث الله في ذلك " ( السيوطي في الدر المنثور 2/438 ) فانصرفت ، فنزل قوله تعالى : { للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون } الآية . وقيل : نزلت الآية في شأن امرأة من بني ( سعد بن الربيع ) {[4869]} استشهد بأحد وترك ابنتين وامرأة فاحتوى أخو سعد على مال سعد ، ولم يعط المرأة ولا الابنتين شيئا ، فاختصمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته بالقصة ، فقال لها : " لم ينزل الله علي فيكم شيئا " ثم نزلت الآية فأخذ من عمهما ثلثي المال ورده إليهما ، ودفع الثمن إلى المرأة ، وترك البقية للعم ، والله أعلم في من كان نزولها ( أبو داوود 2891 ) .

وفي{[4870]} هذا الخبر دليل أن للابنتين الثلثين{[4871]} كما للثلاث فصاعدا ليس كما قال بعض الناس : إن لهما النصف{[4872]} لأن الله تعالى إنما جعل ( الثلثين للثلاث ) {[4873]} .

ثم تحتمل الآية وجهين بعد هذا : تحتمل أن يكون المراد الأولاد خاصة لا غير ، فيدخل كل ولد ( من ){[4874]} ولد البنات وولد البنين لأنهم كلهم أولاده ، وتحتمل أن يكون المراد منها الرجال والنساء فيدخل ذوو{[4875]} الأرحام في ذلك ، فلما لم يدخل بنات البنات في ذلك وهم أولاده دل أنه أراد النساء والرجال جميعا لا الأولاد خاصة .

وفيه دلالة نسخ الوصية للوارث ، لأنه قال عز وجل : { للرجال نصيب } إلى قوله : { مفروضا } أي معلوما بما أوجب في كل قليل ثم قال في قوله : { نصيبا مفروضا } قيل : ذا يرجع إلى ما بين فرضه ، وهم{[4876]} أصحاب الفرائض دون العصبات ، فيكون على ما أشار إلى حقه من حيث الاسم في القرآن .

ويحتمل ما بين ، وقد جرى فيه ذكر حقين :

أحدهما : حق العصبة كما ذكر في الأب والإخوة والأولاد .

( والثاني : حق ) {[4877]} أصحاب الفرائض ، ولو كان على ذلك فقد يتضمن الفرض ما يعلم بالإشارة إليه والدلالة لأن أكثر من يوصي بحق العصبة هو ما لا نص فيه . والذي فيه النص هو في الأولاد والإخوة خاصة والوالد ، وقيل : يتضمن كل الأقرباء على اختلاف الدرجات فيكون منصوصا وأيضا مدلولا عليه ويؤيد هذا التأويل قوله : { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض }

ثم من المؤمنين والذين هاجروا أولئك هم البعداء الذين هم{[4878]} إخوة الدين والهجرة ، فإذا بقي أحد لم يصرف ذلك إلى المؤمنين ، وقد قدم حقهم على المؤمنين والمهاجرين بالرحم لذلك هم أولى مع ما للإمام صرف ذلك بحق الإيمان إليهم فيصير الدفع بحق الجوار وإلى غيرهم شك عند قيامهم فالدفع إليهم أولى لوجهين : أحدهما : عموم الكتاب على تحقيق حق لكل آية منها دون إدخال حكم أنه في حكم آخرين بلا ضرورة والثاني : الإجماع من الوجه الذي 80- أ/ ذكرت مع اتفاق أكثر الصحابة رضي الله عنهم والفتوى إلى يومنا هذا .


[4867]:في الأصل و م: لذي.
[4868]:في الأصل و م:الذي.
[4869]:في الأصل و م: سعدان.
[4870]:الواو ساقطة من م.
[4871]:في الأصل و م: الثلثان.
[4872]:من م في الأصل نصف.
[4873]:في الأصل و م: الثلاثين للثلاثة.
[4874]:ساقطة من الأصل و م.
[4875]:في الأصل و م: ذوي.
[4876]:في الأصل و م: وهو.
[4877]:في الأصل و م: وحق.
[4878]:في الأصل و م: لهم.