تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيٓ أَوۡلَٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۚ فَإِن كُنَّ نِسَآءٗ فَوۡقَ ٱثۡنَتَيۡنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَۖ وَإِن كَانَتۡ وَٰحِدَةٗ فَلَهَا ٱلنِّصۡفُۚ وَلِأَبَوَيۡهِ لِكُلِّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُۥ وَلَدٞۚ فَإِن لَّمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلَدٞ وَوَرِثَهُۥٓ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ ٱلثُّلُثُۚ فَإِن كَانَ لَهُۥٓ إِخۡوَةٞ فَلِأُمِّهِ ٱلسُّدُسُۚ مِنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ يُوصِي بِهَآ أَوۡ دَيۡنٍۗ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ لَا تَدۡرُونَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ لَكُمۡ نَفۡعٗاۚ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (11)

الآية11 وقوله تعالى : { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } قيل : { يوصيكم الله } ( أي يفرضكم الله ) {[4893]} وقد سمى الله تعالى الميراث فريضة في غير آية من القرآن بقوله : { للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب } ثم قال : { نصيبا مفروضا } ( النساء 7 ) وقال أيضا في آخر وهذه الآية : { فريضة من الله } ، ولأنه شيء تولى الله إيجابه من غير اكتساب أهله فهو كالفرائض التي أوجبها الله على عباده من غير اكتساب أهلها ، فعلى ذلك سمى هذه فريضة لأن الله تعالى أوجبه والله أعلم .

وقيل : قوله : { يوصيكم الله في أولادكم } إلى آخر ما ذكر ، فيه{[4894]} نسخ الوصية للوالدين والأقربين في قوله : { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين } ( البقرة 180 ) ودليل نسخه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث " ( الترمذي 2121 ) ثم قيل : إن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون{[4895]} النساء ولا الصغار من الأولاد والإناث ، وإنما كانوا يورثون الرجل ولم يجوزوا ) {[4896]} الغنيمة فنزل قوله : { للرجال نصيب مما ترك } الآية ( النساء 8 ) فالآية في بيان الحق للإناث في الميراث ، وكذلك قوله { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } فيه بيان حق الميراث جميعا .

وقيل : تأويل هذه الآية ما بين في ذوي الأرحام ، وإن كانوا مختلفين في سبب ذلك وأن الآيات التي بعدها من قوله : { يوصيكم الله في أولادكم } إلى آخر الآيات التي فيها ذكر المواريث فسر بها مبلغ النصيب الذي أوجبه الله للنساء والرجال في الآية الأولى مجملا ، وأجمعوا أن الرجل إذا مات وترك ولدا ذكورا وإناثا فالمال بينهم { للذكر مثل حظ الأنثيين } ويحتمل قوله : { في أولادكم } أولاد{[4897]} موتاكم وهذا جائز في اللغة لأنه لا يجوز أن يفرض على الرجل قسمة الميراث في أولاده وهو حي ، دل أنه أراد أولاد الموتى أو يحتمل ما ذكرنا لأنهم{[4898]} كانوا لا يورثون{[4899]} الإناث من الأولاد والصغار منهم ، فخاطب الجملة بذلك لئلا يحرموا الإناث من الأولاد والصغار .

وفي قوله أيضا : { يوصيكم الله في أولادكم } أي في أولاد من مات منكم إذ لا يحتمل خطاب الحي ما ذكر في ولده ، فهذا عن كان تأويل : يوصي : يفرض أو يأمر ، وإن كان تأويل ذلك : يبين فذلك جائز بعد أن يجيز الحي ما يبين الله في أولاده بعد موته في ماله ، وذلك يمنع الوصية لأنه يزيل حق البيان ولما يمكن رفع القسمة وتحصيل / 80 –ب/ الوصية على بعض لبعض وذلك بعيد إذ لا يملك في غيرهم .

ثم من الناس من رأى نسخ الوصية للوارث بقوله : { للرجال نصيب مما ترك الوالدان } الآية ( النساء 7 ) لأن{[4900]} الآية أوجبت{[4901]} الميراث في ما قل أو أكثر ، فلو كانت الوصية تجب للوالدين بقوله تعالى : { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين } الآية ( البقرة 180 ) لكان الميراث لا يجب في ما قل منه وإنما يجب في ما يفضل منه لكن الآية إذا لم تمنع الوصية للأجنبي وهو يصرف السهم المفروض إلى ما يفضل من الوصية فمثله للوارث لكن في الآية دلالة على رفع الكتاب إذ في الأولى أنها كتبت فلما أوجب الحق في كل قليل وكثير لم يبق معه الفرض والوجوب ولكن يجب الفضل .

ثم كان حق الوالدين ومن ذكر بحق اللزوم وقد سقط ذلك وبه كان يجوز فلما سقط الحق قد جاء في الخبر أن " فلا وصية لوارث " وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " ( الترمذي 2121 ) فسقط الحق بالآية من الوجه الذي يثبت والنقل ( بقوله : عليه السلام ) {[4902]} " فلا وصية لوارث " .

فمن هذا الوجه الذي ذكرت يسقط حق الوصية بالقرآن لكن قد ذكر للمرأة لا بحرف الوجوب بقوله : { متاعا إلى الحول } ( البقرة 240 ) ثم سقط أيضا بالخبر فيه نظر ، إذ ليس في الآية ذكر المرأة بما ذكر فيها ميراث الأولاد والأقربين ، وقد بقي حق المتاع ، إذ له أن يوصي لغير الورثة لكن في ميراث المرأة وصية ، كقوله : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم } ( البقرة 240 ) { وصية من الله } ( النساء 12 ) . والوصية مكتوبة على ما للوالدين والأقربين . ثم أشرك الزوجين في ميراث الوالدين والأقربين مما قل أو كثر كقوله : { النصف } ( النساء 11 ) و{ الربع } ( النساء 12 ) و{ الثمن } ( النساء 12 ) مما ترك وقد بينا أن الآية نسخت ما ذكرت فصارت ناسخة للأمرين جميعا .

فهذا من جهة الاستخراج في حق النسخ على أنها{[4903]} على مذهبنا ( أهل ) {[4904]} السنة كافية في بيان نسخ الحكم الذي بينه الكتاب إذ هو بيان منتهى الحكم من الوقت وقد جعل الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بحيث البيان مما في القرآن .

وقوله تعالى : { للذكر مثل حظ الأنثيين } ( فيه ){[4905]} دلالة أن المال كله للذكر من الوالد إذا لم يكن ثمة أنثى لأنه جعل للذكر مثلي ( ما ) {[4906]} جعل للأنثى و{ يوصيكم } ( النساء 11 ) إذا لم يكن معها ذكر لقوله تعالى : { وإن كانت واحدة فلها النصف } ( النساء 11 ) فدل أن للذكر من الولد ( مثلي ما ){[4907]} جعل للأنثى عند الجمع ، له ذلك بحق الكل ففي حال الإنفراد له الكل .

وقوله تعالى : { فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك } قال بعضهم : بين الحق لما فوق اثنتين ، ولم يبين للاثنتين ، ولهما النصف الذي ذكر للواحدة وهو قول ابن عباس رضي الله عنه .

وأما عندنا فإن للاثنتين ما للثلاث فصاعدا فيكون بيان الحق للثلاث بيانه{[4908]} للاثنتين لأن الله تعالى جعل حق ميراث الواحدة من الأخوات النصف بقوله تعالى : { وله أخت فلها نصف ما ترك } ( النساء 176 ) كما جعل حق الابنة النصف إذا لم يكن معها ذكر بقوله : { وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس } ( النساء 11 ) ثم جعل للأختين الثلثين بقوله : { فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك } ( النساء 176 ) .

فإذا نزلت الأخوات منزلة البنات في استحقاق النصف إذا كانت واحدة ، واستحقاق الثلثين إذا كانتا اثنتين فصاعدا فعلى ذلك نزل بيان الحكم في الأختين منزلة بيان الحكم في الابنتين وقيل : يفوق اثنتين فما فوقهما وقيل : يبين الكتاب الاستواء بين الابنة الواحدة والأخت الواحدة ليعلم استواء حق الوالد ووالد الأب .

ثم بين ( الحكم ){[4909]} في الأخوات للبنتين{[4910]} { الثلثان } ( النساء 176 ) وفي البنات لما فوقهما ليكون الذي في الأختين دليلا على الابنتين ، وفي ما كثر من البنات على ما ذكر من الأخوات وأيد ذلك أمر الاجتماع بين البنين{[4911]} والبنات وإن كثروا بالإخوة والأخوات وإن كثروا مع ما كان معلوما أن بنات الرجل أحق من بنات أبيه{[4912]} أيد ذلك أن بنات ابنه قد يرثن وبنات أبيه لا ، فلا يجوز أن تكون الأختان{[4913]} أكثر حقا من الابنتين ، وفي الأغلب أن يجعل لهن ميراث من هؤلاء ، وعلى ما ذكر ما دام يوجد في الأولاد من له فرض أو فضل لم يصرف إلى أولاد الأب ثبت أنهم بمعنى الخلف من هؤلاء وعلى ما ذكر جاءت الآثار واجتمع أهلب الفتوى .

وقوله تعالى : { ولأبويه لكل واحد منهما السدس } { وإن كان ولد } اختلف فيه قال بعضهم : أراد بالولد الذكور خاصة لأنه جعل للأبوين لكل واحد السدس إذا كان الولد ذكرا أما إذا كان الولد أنثى فللأب يكون الثلث .

وأما عندنا فإن اسم الولد يجمع الذكور والإناث جميعا فإنه إن كان الولد ههنا ذكرا أو{[4914]} أنثى ينظر{[4915]} إن كان ذكرا يكون لكل واحد من الأبوين السدس والباقي للولد وإن كان أنثى فلها النصف وللأبوين السدسان{[4916]} والباقي للأب على ما جاء في الخبر : " ما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر " ( البخاري 6732 ) .

وقالت الروافض : الباقي للابنة ذهبوا في ذلك إلى أن الذي يقابل الابنة هو الابن والذي يقابل الأب هي الأم فالذي يقابل الابنة هو أولى بإحراز الميراث من الذي يقابل الأم وهو الأب فعلى ذلك الذي يقابل الابن وهي الابنة أولى بذلك من الذي يقابل الأم وهو الأب .

وأما عندنا فإن الأب أولى بذلك من الابنة لأن للأب حقين : حق فريضة وحق عصبة ، أما حق الفريضة ( فهو ) {[4917]} بقوله : { ولأبويه لكل واحد منهما السدس } وأما حق العصبة ( فهو ) {[4918]} بقوله عز وجل : { وورثه أبواه فلأمه الثلث } جعل الباقي له ، فذو حقين أولى بذلك من ذي حق واحد والابنة ليس لها حق الفريضة لذلك كان الأب أولى وفي الخبر دلالة أن حكم الابنتين وما فوقهما سواء وهو الثلثان ما روي عن جابر بن عبد الله أنه قال : جاءت امرأة ثابت بن قيس بابنتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا ثابت بن قيس أصيب يوم أحد وقد أخذ عمهما مالهما ولم يدع لهما شيئا إلا أخذه فما ترى يا رسول الله فو الله لا تنكحان إلا ولهما مال فنزل قوله تعالى { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعم الجارتين : " أعطهما الثلثين وأعط أمهما الثمن ولك ما بقي " {[4919]} ( أبو داوود 2891 ) .

ثم في الآية دلائل : أحدهما{[4920]} يخرج الخطاب على العموم والمراد منه خاص لأنه ذكر الأولاد والولد قد يكون على غير دينه فلا يرث وقد يكون مملوكا فلا يرث على ما روي في الخبر : " لا يتوارث أهل ملتين " ( الترمذي 2108 ) وما روي : " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم إلا العبد مولاه " ( الحاكم في المستدرك 4 /345 ) وذلك في الحقيقة ليس بميراث ولكن للعبد يكون لمولاه وفي هذا دليل جواز الاستثناء من غير نوعه استثنى العبد وذلك في الحقيقة ليس بميراث{[4921]} .

وفي الآية دليل{[4922]} جواز القياس والفكر فيها والاعتبار لأن ميراث الابنتين مستدل عليه{[4923]} غير منصوص ، وكذلك ميراث الذكور من الأولاد بالانفراد مستدل عليه غير منصوص ، وما يحرز الأب من الميراث لحق العصبة مستدل عليه لا منصوص ، وما يستحق بالفريضة فهو منصوص عليه ، وهكذا كل من يستحق / 81 –أ/ شيئا بحق الفريضة فهو منصوص عليه ، فدل أن ما ترك ذكره إنما ترك للاجتهاد والتفكر فيه والاعتبار .

وفيه دليل{[4924]} أنه يجوز ألا يطلع الله عباده على الأشياء بقوله تعالى : { آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب نفعا } إذ لم يبين أيهم{[4925]} أقرب نفعا دل قوله : { وورثه أبواه فلأمه الثلث } إذ ذكر وراثتهما ولم يبين حق الأب أنه جعله عصبة يرد إليه الفضل فيظهر للأب في هذه الآية في قوله عز وجل { يوصيكم } على آخرها أمران :

أحدهما : حق العصبة .

والثاني : حق الفرض بقوله : { للواحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد } .

ثم بعد هذا فيه أمران :

أحدهما : أنه إذا ثبت له حق العصبة وقد بين الله تعالى نصيب الابنة أنه النصف ونصيب الأب مع الولد أنه له السدس ، فزعمت الشيعة أن الفضل يرد إلى الابنة لأنها ولد ، ولم تذكر له مع الولد إلا السدس .

وعندنا يرد إلى الأب لأنه لم يذكر للابنة إلا النصف ثم قد جعل الأب عصبة في ما له حق الفضل عن المفروض ولم يجعل الابنة لذلك كان الرد إلى الأب أحق مع ما يحتمل إن كان له ولد ذكر ثم حرمت الأم بالابنة إذ هي تحرم بالأخوات فالبنات أحق إذ هن أقرب .

والثاني : أنه جعل إذ جعل للأب السهم من وجهتين ثم الذي له في أحد الوجهين ، صار للجد دون أولاده ، وبين لأولاد الأب الحق وإبقاء حق الجد لما بين لوالده . فعلى ذلك ماله من الوجه الثاني ، وهو أولى لأن حق العصبات يخرج على إلحاق الأبعدين فيه الأقربين ، وحق الفرائض لا حتى تبين .

ثم فيه وجه آخر : أنه اتبع ذلك الذكر ذكر الزوجتين{[4926]} ، وذكرهما مع الوالد ، و لم يذكر معهما الوالدين{[4927]} ، فثبت أن أمرهما يدخل في حالهما في ما كان لا في حالهما أي الزوجتين{[4928]} . وأيد ذلك قوله : إنه بقي حالهما مع ( الزوجتين{[4929]} مع الولد{[4930]} على ما كان عليه دون الزوجتين معه فعلى ذلك حالهما بلا ولد ، وفي ذلك وجوب صرف حقهما إلى ما فضل ما ذكر في قوله : { وورثه أبواه } فيكون الفضل بينهما على ما كان عليه بالكل لولا الزوجتان{[4931]}

وقوله تعالى : { فإن كان له إخوة فلأمه السدس } اختلف في حكم الآية من أوجه ثلاثة : قال بعضهم : لا يحجب الأم عن الثلث أخوان أو أختان حتى يكونوا{[4932]} ثلاثة لأن الله تعالى قال : { يوصيكم } وأقل الإخوة ثلاثة وهو قول ابن عباس رضي الله عنه وقال آخرون يحجب الأم عن الثلث الذكور ولا تحجب الإناث لأن الله تعالى ذكر الإخوة ( والإخوة ) {[4933]} اسم للذكور منهم دون الإناث إذ الإناث اسم على حدة وهو الأخوات ، لذلك حجب الذكور ولم يحجب الإناث .

وأما عندنا فإن الإخوة اسم للذكور والإناث جميعا في الحكم وإن لم يكن اسما{[4934]} لهما جميعا في الحقيقة ، ألا ترى أن الله تعالى ذكر الإخوة ثم جعل بالتفسير اسما{[4935]} لهما جميعا بقوله : { وإن كانوا إخوة رجالا ونساء } ( النساء 176 ) وأن اسم الإخوة يجمع الذكور والإناث جميعا في الحكم لذلك حجب الأم عن الثلث ذكورا كانوا او إناثا ؟ .

وأما قولنا بأن الاثنين يحجبانها عن الثلث ما روي عن علي وعبد الله وزيد بن ثابت أنهم قالوا : يحجب الأخوان الأم عن الثلث كما يحجبهما الثلاثة وجعلوا الأخوين إخوة ، والفرائض على اختلافها اتفقت في أن حكم الاثنين حكم الأكثر فكذلك في حق الحجاب والله أعلم .

وحجة أخرى وهي أن الله تعالى حكم في الكلام إذا كان واحدا أن له السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث فجعل حكم الاثنين والثلاثة واحدا يشتركون في الثلث فوجب أن يكون حكم الاثنين والثلاثة من الإخوة في حجب الأم عن الثلث سواء .

وحجة أخرى وهي أن الله تبارك وتعالى جعل للأختين من الأب والأم الثلثين وسوى بين الحكم الأختين والثلث في الميراث فعلى ذلك يجب أن يستوي ( بين حكم ){[4936]} الأخوين والثلث في حجاب الأم عن الثلث .

ثم المسألة بيننا وبين الروافض في وجوه :

أحدهما : ) {[4937]} أن الإخوة من الأم يحجبون{[4938]} الأم عن الثلث لأنهم منها ، فمن البعيد أن يحجبوها ، ويمنعوا ذلك عنها ويجعلوا{[4939]} ذلك لغيرها يضرون بالأم وينفعون غيرها ، وقد قال " { آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله } .

والثاني : أن الحجاب قد يجوز أن يقع بمن يحصل له ما حجب عنها نحو الإخوة من الأب والأم إذا حجبوا الأم عن الثلث وقع لهم ذلك . وأما الإخوة من الأم فإن وقع لهم الحجاب لم يجعل لهم ذلك المحجوب منها فلا يحتمل الحجاب بهم وأما عندنا فإنه ليس لهم القرب بحق القرب والبعد ما يحجبون ، ولكن بحق الميت فإذا كان ما ذكرنا فسواء كانوا من قبل الأم ومن قبل الأب في حق الحجاب .

والثالث{[4940]} : أن المواريث جعلت بحق الابتداء لا بحق الوارثين ، فلا{[4941]} يحتمل أن يختار المورث من هو أبعد على من هو أقرب نحو من يموت عن ابنة وابن عم لا يحتمل أن يختار ابن العم الابنة في النصف الباقي دل أنه على الابتداء .

ونقول في الإخوة من{[4942]} الأم : إنهم في الحجاب كالإخوة من الأب والأم ، وإن كان الحق لغيرهم لما أن الإخوة لما تفرقت حقوقهم ذكرت وكذلك الأولاد فلو كان الحجاب يتفرق لكانت الحاجة إلى الذكر لازمة{[4943]} ، إذ بعيد ترك الأمر للنزر في ما لا أصل له في الأثر ولا أصل له في هذا بالتفريق بل قد جمع ذلك بين الإخوة والأخوات على ما في ذلك من اختلاف الحقوق ( لميت أن غير الحجاب من الحقوق ){[4944]} ليس بأصل له .

والأصل أن ذلك لو كان على اعتبار الحق هو بحق الميت لا بحق للأبوين لأنه لم يعرف إيجاب حق مما لا حق له . ولا حق لهم في الأب فبان أنه ليس بمعتبر حق الميت يقع بالحجاب{[4945]} والمعنى منه واحد ولو كان حجاب الإخوة من الأب بالأب لكان الأب إذن حجب الأم فإذا كان هو لا يحجب بأن أن ولدها لا يحجبونها إذ هو بحق الميت .

وقوله تعالى : { من بعد وصية يوصي بها أو دين } ذكر الله تعالى الوصية قبل الدين وأجمع أهل العلم إن الدين يبدأ به قبل الوصية والميراث وروي عن ابن علي رضي الله عنه ( انه قال ) {[4946]} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الدين قبل الوصية والوصية قبل الميراث ولا وصية لوارث " ( الترمذي 2094 ) واجمعوا أنه إذا قضي الدين ( نظر ) {[4947]} إلى أهل الوصايا ووصاياهم إن جاوزت{[4948]} الثلث ترد{[4949]} إلى الثلث إن لم يجز الورثة ويقسم الثلثان بين الورثة على فرائض الله تعالى . وليس معنى قول الله عز وجل : { من بعد وصية يوصي لها أو دين } أن يخرج الثلث فيبدأ بدفعه إلى الموصى لهم ثم يدفع الثلثان على الورثة لأن الموصى له شريك الورثة إن هلك من المال شيء قبل القسمة ذهب من الورثة والموصى له جميعا ويبقى سائر المال بالشركة بينهم ولكن معناه { من بعد وصية } إعلام أن الميراث يجري في المال بعد وضع الوصية من جملته إذا كان الثلث أو دونه وإن لم يكن دفع ذلك إلى أصحاب الوصايا .

ثم لم يذكر في الآية قدر الدين أو الوصية ومن قولهم : إن الدين إذا أحاط بالتركة منع الميراث والوصية وإذا لم يحط لم يمنع والوصية تجوز قدر الثلث ولا تجوز أكثر من الثلث إلا أن يجيز الورثة والآية لم تخص قدرا من الدين دون قدر وكذلك الوصية لكن تفسيره ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : " الثلث /- ب / والثلث كثير " البخاري 2743 ) وما روي في خبر آخر : " أن الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم " ( أحمد 6/ 441 ) لم يجعل له أكثر من ذلك وما روي في خبر آخر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعثمان رضي الله عنه : ( الخمس اقتصاد والربع جهد والثلث حيف ثم الوصية جواز الاستحسان والإفضال من الله تعالى والقياس يبطلها ) ذلك أن الله تعالى لم يملك الخلق أعين الأموال وإنما جعل الانتفاع لهم بها .

ألا ترى أنهم نهوا عن إضاعتها ؟ ولو كان أعين المال لكان لا معنى للنهي عن إضاعتها ، دل أنه إنما جعل لهم الانتفاع{[4950]} فيها إلى وقت موتهم ، وبالموت ينقطع الانتفاع بها فينظر من الأحق بها بعد الموت : الغريم صاحب الدين أو الوارث وإلا جواز الوصية الإفضال من الله تعالى على عباده بقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم ( عند وفاتكم " ){[4951]} ( أحمد 6 /441 ) دل هذا الخبر أن جوازها الإفضال والاستحسان منه إلى عباده والله أعلم .

وقوله تعالى : { من بعد وصية يوصي بها أو دين } يدل على أن ما ليس بدين ولم يوصي له الميت فإنه لا يخرج من ماله ويدخل عندنا في هذا الجنس الحج يكون على الرجل والنذر والزكاة وأشباه ذلك ليس بشيء منها دين فإذا لم يوصي الميت بها فلا يجب أن تؤدى من التركة إلا أن ينفذها الورثة .

فإن قال قائل : هي دين كسائر الديون قيل له : أرأيت إن كان عليه دين وزكاة يبدأ بالدين أو تقسم التركة بالحصص إذا لم يف بذلك كله ؟ فإن قال : يبدأ بالدين قيل : لو كانت الزكاة دينا كديون الناس كانت أسوتها في القضاء فإن قال : اجعل الزكاة أسوة في القضاء مع الديون ؟ قيل : له : ما تقول في رجل أفلس وعليه ديون هل يقسم بين غرمائه ؟ فإن قال : نعم قيل : فإن كانت عليه زكاة هل يضرب لها بسهم ؟ فهل يضرب لها بسهم ؟ فإن قال : لا قيل : كيف ضربت لها بسهم بعد الموت لما قسمت ماله ولم تضرب لها بسهم في الحياة إن كانت كسائر الديون بعد الموت فيجب أن تكون كسائر الديون في الحياة ؟ إلا أن الزكاة حالة واجبة على من كان عنده مال فحال عليه الحول فاستهلكه وليس بجواز له تأخير قضاء الدين . وفي إقرارك انك تبدأ بالدين قبل الزكاة في لاحيا ة دليل على أنه يجب أن يبدأ بالدين قبل الزكاة بعد الموت .

فإن قيل : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة التي سالت : هل تحج عن أبيها ؟ " أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته ألم تجزي عنه ؟ " ( النسائي 5 /118 ) يدل على أن الحج دين قيل له : ليس فيه دلالة الوجوب عليها إنما فيه دليل جواز الحج عن الميت وقبوله إذا كان قضاء ما هو أوكد منه من ديون العباد قضاء صحيحا فالحج الذي هو دون ذلك في التأكيد أحرى أن يقبل كأنه أراد هذا والله أعلم .

ودليل آخر أن الزكاة لا تجوز أن تؤدى عن الميت إذا لم يوصي بها لأن الزكاة لا تؤدى إلا بنية المزكي والنية عمل القلب ولا خلاف في أنه لا يصلى عن الميت ولا يصام عنه فلما لم يجز أن يقضي عن الميت عمل الأبدان لم يجز أن تقوم نية الورثة في أداء الزكاة مقام نية الميت .

قال الشيخ ، رحمه الله في قوله عز وجل : من بعد وصية يوصي بها أو دين } ظاهره أن تقدم الوصية على الميراث ولكن أجمع أن الابتداء عن حق الميراث ثم يوزع التأويل على وجوه .

أحدهما : أن قوله تعالى{[4952]} : { يوصيكم } إلى قوله : { من بعد } كأنه سوى لكم أن توصوا ( ما ) {[4953]} أوصاكم الله فيه بكذا .

والثاني : أن يكون { من بعد وصية } أي من بعد ما أوصيتم ويكون الميراث بعد الإيصاء .

( والثالث : يحتمل ) {[4954]} { من بعد } أن كان عليكم الإيصاء ، والدين بالمواريث فيكون فيه نسخ قوله : { من بعد وصية يوصي لها أو دين غير مضار وصية من الله } ( النساء ) فدلت هذه الآية على حجر بعض الوصايا بقوله عز وجل : { غير مضار } لكن يحتمل أن تكون المضارة تبطل الفضل .

( والرابع : يحتمل ) {[4955]} : ألا تبطل كقوله تعالى : { ولا تمسكوهن ضرارا } ( البقرة 231 ) في الرجعة على إمضاء الرجعة على ذلك لكن الإضرار في الرجعة مقصود في هذا مفضول ، فيمكن التفريق بين الأمرين فقال عز وجل : { تلك حدود الله } ( النساء 13 ) الآيتين{[4956]} وأوعد جهنم على تعدي هذه الحدود وهذا لا يحتمل مع جواز الفضل وأيد ذلك قوله تعالى : { فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم } الآية ( البقرة 182 ) ولو كان يجوز لكان لا يملك معه الإصلاح فثبت أن من الوصايا ما يبطل مع ما كان الله ذكر المواريث { فريضة من الله } فلا يملك إبطال فريضته وبالإذن منه يجوز فعله لذلك تبطل بعض الوصايا{[4957]} .

والأصل في ذلك أن الأموال أنشئت للأحياء وخلقت لمنافع الأحياء فكأنهم ملكوا منافعها إلى انقضاء أجلهم ، ثم صارت إلى من به ملكوها يجعلها لمن يشاء ، ويضعها عند من يشاء ، وقد بين عز وجل أنها لمن ، ومن أحق بها ، فصار الموصي كأنه أوصى بحق من بين أن بحقه فيه غيره فإن تفضل الله عليه في ذلك من شيء وإلا فذلك كسائر الأملاك التي بينت أربابها لم يكن لغيرهم فيها حق إلا بجعل الله أو جعل من له .

فعلى ذلك هذا قد جاء عن الله بيان حده بعد ما بينت هذه الآيات جعل الحق له إلى الثلث ، فذلك له صدقة من الله تعالى : وفي الفضل إن جاز المجعول جاز وإلا لا ، والله أعلم . فجعلت للوصية حدا ولم تجعل للدين ( حدا ){[4958]} لأن الدين مما يتصل بحوائجه في حال حياته إذ هو يلزم بالأسباب التي بها معاشه وغذاؤه فصار مقدما على المتروك في الحكم وإنما جعلت المواريث في المتروك مع ما كان الغرماء أحق بملكه في حياته يعجز عن كثير من المعروف في مرضه بهم فلو لم يكن لهم الحق لامتنعوا من المدينات إلا بوثائق يكونون هم أحق بها بعد الوفاة من الورثة أو يمتنعون من المداينات ، وفي ذلك تقصير القوت والأغذية عن مضي الأجل وهو به مأمور فجعلت كأنها استحقت الأملاك في حال الحياة ، فلم تجئ منهم التركة ، وليست كالعبادات لأنها تجب في الفضول عن الحاجات والديون في الأصول فليست العبادات بالتي تمنع الوفاء بالآجال ولا كان بأربابها تلك الضرورات فإنما هي بحق القرب وهي عمل الأحياء فإذا ماتوا زال الإمكان وجرت في الأموال المواريث . وكذا المعروف من الدين المذكور في القرآن من قوله { من بعد وصية يوصي بها أو دين } إن العبادات لا توصف بالديون ولا يفهم من إطلاق القول بالديون فصارت بمعنى الفضل عن الوصايا والديون إلى أن تؤجل ، وهو ( في ) {[4959]} الحقيقة ألا يكون للمولى على عبده دين فيكون المذكور دينا في الأفعال كما ذكرت العدات دينا في الأخلاق لا في حقيقة الذمم مع ما كانت هي لله ، وقد جعل الله له فريضته لأقوام بأعيانهم لا يمنع عنهم إلا بال وصية كما جعل للموصي .

وعلى أن العبادات لا تقوم إلا بالبينات ، ولا تؤدى عن أحد في حياته إلا بأمره ، وإن احتمل قيام بعض منها عن بعض وسائر الديون تجوز دونه ، فعلى ذلك بعد الوفاة وإن كان كل ما يؤدى به فهو الذي حدثت به الوصية . وقد جاء الحد / 82- أ/ لها مع ما كانت العبادات لا تحتمل لحوق الأموات ولا الإيجاب عليهم في أمواتهم ثبت أنها حقوق الحياة خاصة ، والديون تحتمل فهي وحقوقهم في الحالين .

ثم ذكر في الدين : { غير مضار } بل الدين أقرب إلى خوف الثنيا ومعلوم أنه لا يقع منه في الديون الظاهرة المعلومة مضارة بالورثة إن كان يقع في الغرماء إذ تؤخذ منه بلا إيصاء ولا يحتمل النهي من حيث الغرماء لما فيه إلزام المكاسب في أوقات العجز لقضاء الديون فثبت أن ذلك لا يعرف من الديون وإنما يرجع فيها إلى قوله ، فبطل بالذي ذكرته جواز إقراره{[4960]} إلى كل حال لكل أحد إذ لا ضرر يقع من حيث فعله فيرد وقد بينا أن المضارة في تمنع الجواز فثبت أن من الإقرار ما لا يجوز إقراره لبعض الورثة وقت الإياس من نفسه لأنه وقت الإيثار والسخاء مما عنده من المال وما أبطل وصيته للوارث بما خرج مخرج الإيثار .

فنحن إذا أجزنا إقراره فيهن لنظرة ، لم نمنع الوصية ، لا ينتفع بل يذهب الكل ، وفي الأول لم يكن يذهب ، والله أعلم .

ثم الأصل أنه أجيز في الكل بحق الأمانة وصيته بحق الملك ثم جعل في وراثة كمن لا ملك له ، إذ قد يقصد به التفضيل والتخصيص إلى القربة . فعلى ذلك في ما خان في الأمانة يجعل كمن لا أمانة له لما يخرج على ما بيننا وإسقاط الأخيار لتوهم من الأمناء أوجه{[4961]} في الأحكام ومن إسقاط المعروف عن الأملاك ، والله أعلم .

وعلى ذلك في ما كانت عليه ديون ظاهرة قد يبقى الضرر{[4962]} بأهلها لبعض من له بشأنه غاية وفي بينهما حقوق توجب الحث{[4963]} على المعروف والصلة له وقت السخاء بماله وللعلم ( بأنه عن ( الانتفاع به ) {[4964]} عاجز فيقر لهم . ذلك يفهم{[4965]} في الحقوق التي ظهرت .

ثم كانت عبادات الأموال قد تقام عن الأموات بالأمر ، ولا تقام عبادات الأفعال لوجهين :

أحدهما : جواز بعض عن بعض في أحد النوعين في ما للعباد بلا أمر في الحياة . ولا يجوز في الآخر فمثله العبادات بالأمر .

والثاني : أن السبب الذي به تجب عبادات الأموال لا يجوز فعل ذلك حق القيام بالأفعال . وعلى ذلك النيات إذ ليست من الحقوق التي تتصل بالأموال في شيء من الأمور لم يقم بها أحد لذلك لم يجوز إلا بأمر ، فيكون الأمر بالأمر لما أمرنا به ( ناويا له ) {[4966]} والله أعلم .

وقوله تعالى : { آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا } اختلف فيه : قال بعضهم : هذا في الدنيا وهو أن يلزم الابن نفقة والده عند الحاجة والقيام بأمره ، والأب يلزم أن ينفق على ولده في حال صغره وعند الحاجة إليه والقيام بحفظه وتعاهده . فإذا كان ما ذكرنا لم يدر أيهما أقرب نفع هذا لهذا ؟

ويحتمل أن يكون قال : { لا تدرون } أنتم أي نفع ( اقرب إليكم نفع ) {[4967]} الآباء أم نفع الأبناء{[4968]} فإن كان التأويل ما ذكرنا ففيه دلالة بطلان شهادة الولد إذ أخبر أن هذا نفع في مال هذا ولهذا في مال هذا . فإذا ثبت النفع لم تقبل شهادة من ينتفع بشهادته ولهذا قال أبو حنيفة رضي الله عنه : أنه{[4969]} لا يجوز للوكيل بالبيع والشراء أن يبيع من أبيه أو ابنه أو والدته بما ينتفع ببعيه منه وبالشراء منه وكذلك قالوا : إذا اشترى من هؤلاء ليس له أن يبيع مرابحة إلا أن يبين ( أنه لا ) {[4970]} ينتفع به .

وقيل : هذا في الآخرة وروي عن ابن عباس رضي الله عنه : { آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا } يقول : أطوعكم لله من الآباء والأبناء أرفعكم درجة عند يوم القيامة ، لأن الله سبحانه وتعالى يشفع المؤمنين بعضهم في بعض وقيل : { لا تدرون } أنتم في الدنيا { أيهم أقرب لكم نفعا } في الآخرة في الدرجات الوالد لولده أو الولد لوالده ؟ إذ هم في الدنيا لا يدرون أيهم أقرب لصاحبه نفعا في الآخرة حتى يرجوا{[4971]} في الآخرة ؟ قال : فإن كل الوالد أرفع ( درجة ) {[4972]} في الجنة من ولده فسيرفع{[4973]} الله تعالى إليه ولده في درجته لتقر بذلك عينه وإن كان الولد أرفع درجة من ( والدهم فسيرفع ) {[4974]} الله تعالى الوالدين إلى الولد في درجتهم لتقر بذلك أعينهم رفع الأسفل إلى الأعلى والأدون إلى الأفضل وهو كقوله سبحانه وتعالى : { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان } يعني بإيمان الآباء { ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم } يعني الآباء { من عملهم من شيء } ( الطور 21 ) .

ويحتمل أن يكون هذا في الشفاعة أو لا يدري ما ذلك النفع ؟ وما مقداره ؟ ويحتمل قوله : { لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ) ليس على حقيقة القرب ولكن على الكبر والعظم ( وقد ){[4975]} يتكلم بهذا قوله : { وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها } ( الزخرف 48 ) ليس على أن آية أكبر من أخرى ولكن على وصف الكل منها بالكبر{[4976]} والعظم فعلى ذلك قوله : { لا تدرون أيهم أقرب لكما نفعا } على وصف كل منهم بالنفع على الإعظام والإكبار والله أعلم .

ويحتمل قوله : { أقرب لكم نفعا } أي واجب كقوله : إن رحمة الله قريب من المحسنين } الأعراف 56 ) أي واجب للمحسنين وغيره من الآيات .

وقوله تعالى : { فريضة من الله } سمى الله تعالى المواريث فرائض لما ذكرنا لأنه كان بإيجاب الله تعالى لا باكتساب إذ لم يملك الخلق أعين هذه الأموال ولكنه إنما ملكهم المنافع منها وقت وفاتهم إذ ماتوا صار ذلك المال الذي جعل الله له لذلك سمى الله فرائض .

وقوله تعالى : { إن الذين كان عليما حكيما } ببدو حالهم وبمعاشهم ومصالحهم وما يصلح لهم وما لا يصلح { حكيما } في ما فرض من قسمتها وبينها ، والحكيم هو المصيب واضع كل شيء موضعه والظالم هو واضع الشيء غير موضعه .


[4893]:من م.
[4894]:في الأصل و م: وفيه.
[4895]:في الأصل و م: يرثون.
[4896]:في الأصل م: ومن يجوز.
[4897]:من م في الأصل: وأولاد.
[4898]:في الأصل و م: أنهم.
[4899]:في الأصل و م: يرثون.
[4900]:في الأصل و م: كان.
[4901]:في الأصل و م: أوجب.
[4902]:من م الأصل: بقول.
[4903]:في الأصل و م: أنه.
[4904]:ساقطة من الأصل و م.
[4905]:من م ساقطة من الأصل.
[4906]:من م ساقطة من الأصل.
[4907]:في الأصل و م: إذا.
[4908]:في الأصل و م: بيان.
[4909]:ساقطة من الأصل و م:.
[4910]:من م في الأصل: للثلثين
[4911]:في الأصل و م: البنتين.
[4912]:من م في الأصل ابنة.
[4913]:في الأصل و م: الأختين.
[4914]:في الأصل و م: و.
[4915]:في الأصل و م: فينظر.
[4916]:في الأصل و م: السدس.
[4917]:ساقطة من الأصل و م.
[4918]:ساقطة من الأصل و م.
[4919]:روي مثل هذا الخبر في تأويل الآية (182) من سورة البقرة في زوجة ابن الربيع وابنتيه.
[4920]:في الأصل و م: أحدهما.
[4921]:من م في الأصل: ميراث.
[4922]:هذا هو الدليل الثاني.
[4923]:في الأصل و م: عليهما.
[4924]:هذا هو الدليل الثالث.
[4925]:في الأصل و م: أنهم.
[4926]:في الأصل و م: الزوجتين.
[4927]:في الأصل و م: الوالدان.
[4928]:في الأصل و م: الزوجين.
[4929]:في الأصل و م: الزوجين.
[4930]:من م في الأصل: الوالد.
[4931]:في الأصل و م: الزوجان.
[4932]:في الأصل و م: يكون.
[4933]:من م ساقطة من الأصل.
[4934]:في الأصل و م: اسم.
[4935]:في الأصل و م: اسم.
[4936]:ساقطة من الأصل و م.
[4937]:ساقطة من الأصل و م.
[4938]:في الأصل و م: يحجب.
[4939]:في الأصل و م: ويجعلون.
[4940]:في الأصل و م: والثاني.
[4941]:في الأصل و م: لا.
[4942]:في الأصل و م: في.
[4943]:في الأصل و م: لازم.
[4944]:من م ساقطة من الأصل.
[4945]:في الأصل و م: الحجاب.
[4946]:في الأصل قال ساقطة من م.
[4947]:ساقطة من الأصل و م.
[4948]:في الأصل و م: جازو.
[4949]:في الأصل و م: فترد.
[4950]:من م في الأصل: الانقطاع.
[4951]:ساقطة من الأصل.
[4952]:من م في الأصل سبحانه.
[4953]:ساقطة من الأصل و م.
[4954]:في الأصل و م: ويحتمل.
[4955]:في الأصل و م: ويحتمل.
[4956]:المقصود الآيتان (11 و12).
[4957]:في الأصل و م: وصاياه.
[4958]:ساقطة من الأصل و م.
[4959]:ساقطة من الأصل و م.
[4960]:في الأصل و م: إفراده.
[4961]:في الأصل و م: أوجد.
[4962]:من م في الأصل: الضرب.
[4963]:في الأصل و م: البعث.
[4964]:من م في الأصل: الانقطاع.
[4965]:في الأصل و م: يتهم.
[4966]:في الأصل: ناو في م: ناوله
[4967]:من م ساقطة من الأصل.
[4968]:في الأصل و م: أن.
[4969]:في الأصل و م: لأنه.
[4970]:في م يرجعوا.
[4971]:من م ساقطة من الأصل.
[4972]:في الأصل و م: ر فع.
[4973]:في الأصل و م: والده رفع.
[4974]:من م في الأصل: دون.
[4975]:من م في الأصل: والكبر.
[4976]:في الأصل و م: عام.