الآية 1 قوله تعالى : { يا أيها الناس اتقوا ربكم } في ما كان الخطاب للكفرة ذكر الله سبحانه وتعالى على إثره حجج وحدانيته ودلائل ربوبيته لأنهم لم يعرفوا ربهم من نحو ما ذكر { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة } الآية وكقوله عز وجل : { يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم } الآية ( البقرة 21 ) وكقوله عز وجل : { يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا } ( فاطر 5 ) وغيره كثير ذكر الحجج والدلائل التي بها يوصل إلى معرفة الصانع وتوحيده ليتفكروا فيعرفوا بها خالقهم وإلههم .
وفي كل ما كان الخطاب للمؤمنين لم يذكر حجج الوحدانية ولا دائل الربوبية لأنهم قد عرفوا ربهم قبل الخطاب ولكن ذكر على إثره نعمه التي أنعمها عليهم وثوابه ( الذي ){[4774]} وعد لهم نحو قوله : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } { واعتصموا بحبل الله جميعا } ( آل عمران 102- 103 ) إلى آخر ما ذكر نعمه التي أنعمها عليهم ، وكقوله { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم } ( الحديد 28 ) إلى ( آخر ) {[4775]} ما ذكر . على هذا يخرج الخطاب في الأغلب .
وقوله تعالى : { اتقوا ربكم } قيل : { اتقوا } عذابه ونقمته وقيل : { اتقوا } عصيانه في أمره ونهيه وقيل : { اتقوا } الله بحقه في أمره ونهيه .
وقوله تعالى : { الذي خلقكم من نفس واحدة } أضاف خلقنا إلى آدم إذ الإنسان من النطفة قال : دلت إضافة خلقنا من آدم ، وإن لم تكن أنفسنا مستخرجة منه ، على أمرين :
أحدهما : جواز إضافة الشيء إلى الأصل الذي إليه المرجع وإن بعد ذلك عن الراجع إليه على التوالد والتتابع .
والثاني : أنا لم نكن بأبداننا فيه وإن أضيف خلقنا إليه ، إذ لو كنا فيه لكنا منه بحق الإخراج لا بحق الخلق منه ، وذلك يبطل قول من يجعل صورة الإنسان من النطفة ( مع الإحالة أن يكون مضافا إلى{[4776]} التراب أو النطفة ) {[4777]} ، إذ هما من الموات{[4778]} الخارج من احتمال الدرك ونحن أحياء{[4779]} دراكون ، والله أعلم .
( وقوله تعالى : { وبث منهما رجالا كثيرا ونساء } أي فرق ونشر وأظهر منهما أولادا كثيرا ذكورا وإناثا ) {[4780]} .
وقوله تعالى : { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } قوله : { تساءلون } أي اتقوا الله الذي تساءلون بعضكم من بعض بالرحم يقول الرجل لآخر : أسألك بالرحم والقرابة أن تعطيني .
وقوله تعالى : { والأرحام } روي عن ابن عباس رضي الله عنه يقول : { واتقوا الله الذي تساءلون به } واتقوا في الأرحام وصلوها ) وقرئ بالنصب والخفض{[4781]} : { والأرحام } فمن قرأ بالنصب فيقول : { اتقوا الله } فلا تعصوه واتقوا الأرحام فلا تقطعوها ومن قرأ بالخفض فيقول : { واتقوا الله الذي تساء لون به } والأرحام وروي في الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اتقوا الله وصلوا الأرحام فإنه أتقى لكم في الدنيا وخير لكم في الآخرة " ( ابن جرير الطبري في تفسيره : 4/ 227 ) والآية في الظاهر على العظة والتنبيه وكذلك قوله : { إن الله كان عليكم رقيبا } هو على التنبيه والإيعاظ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.