الآية 86 وقوله تعالى : { ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة } إن قوما كانوا يعبدون الملائكة رجاء أن يكونوا لهم شُفعاء لما عرفوا من خصوصيتهم وفضلهم عند الله ، وذلك معروف في الناس أنهم يخدمون ، ويكرمون خواص ملوكهم رجاء أن يشفع لهم أولئك الخواص عند الملك إذا نزل بهم بلاء ، ووقعت [ لهم ]{[19065]} حاجة يوما من الدهر . فعلى ذلك هؤلاء الكفرة كانوا يعبدون الملائكة لما عرفوا من خصوصيتهم وفضل منزلتهم عند الله .
ثم أخبر عز وجل من الملائكة أنهم لا يملكون الشفاعة بقوله : { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } [ الأنبياء : 28 ] . وهو كقوله{[19066]} : { إلا من شهد بالحق وهم يعلمون } أي إلا لمن شهد بوحدانية الله تعالى وألوهيته ، لا يشفعون لأولئك ، إنما يشفعون لمن ذكر ، وإن كانت لهم خصوصية عند الله لأن الله عز وجل نهى أولئك أن يعبدوا الملائكة ، ويعظّموهم من جهة العبادة . لذلك لا يملكون الشفاعة ، فيكون مثل هذا مثل ملك نهى قومه أن يخدموا ، أو يعظّموا أحدا سواه من خواصّه . فإذا فعلوا ذلك ، وخدموهم وتركوا نهيه ، لا يملك أولئك الخواص ، ولا يتجاسرون على طلب الشفاعة عند الملك لأولئك الذين نهاهم الملك أن يخدموهم ، ويعظّموهم دونه .
فعلى ذلك الملائكة لم يجعل لهم شفاعة لأولئك الذين عبدوهم دونه إلا لمن ذكر ، وهم الذين شهدوا بالحق ، وقاموا بعبادة الله تعالى فقد أذن لهم بالشفاعة لأولئك ، والله أعلم .
ويحتمل أن يكون قوله : { ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة } أي لو كانت لهم الشفاعة لكانت لا تنفعهم شفاعتهم ، ليس أن يكون لهم شفاعة أو شفعاء ، وهو كقوله تعالى : { لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه } الآية [ المائدة : 36 ] وكقوله عز وجل : { ولا يُقبل منها عدل } الآية [ البقرة : 123 ] .
فعلى ذلك يحتمل قوله عز وجل : { ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة } أي لا تنفعهم ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { إلا من شهد بالحق وهم يعلمون } يخرّج قوله : { وهم يعلمون } على وجهين :
أحدهما : يرجع إلى الملائكة ، فيكون كأنه يقول : ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة ، وهم يعلمون أنهم لا يملكون الشفاعة .
والثاني : يرجع إلى من شهد بالحق ، فيكون كأنه يقول : ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون أنهم يشهدون بالحق ، والشهادة بالحق ما ذكرنا ؛ يعني يشهدون على وحدانية الله وألوهيته وأنه المستحق العبادة دون من عبدوهم ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.