تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَ حَتَّىٰٓ إِذَا خَرَجُواْ مِنۡ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡ} (16)

الآية 16 وقوله تعالى : { ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا } جعل الله عز وجل آيات رسالة رسوله صلى الله عليه وسلم وحُججه على المنافقين بصنيعهم وما أسرّوا في أنفهم من الخلاف والعداوة . فأطلع الله رسوله على ما أسرّوا في أنفسهم من الخلاف له والعداوة ، وأضمروه ليكون ذلك آية لرسالته وحجته لنبوّته ، إذ علموا أن لا أحد يطّلع على ما في القلوب إلا الله تعالى .

فإذا أخبر رسول الله لهم بما أسرّوا ، وأضمروا ، علموا أنه إنما عرف ذلك بالله تعالى [ لقوله تعالى ]{[19426]} : { قد يعلم الله الذين يتسلّلون منكم لِواذًا } [ النور : 63 ] وقوله تعالى : { وإذا خَلوْا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم } [ البقرة : 14 ] ونحو ذلك .

ثم الناس في الاستماع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تُفرّق إلى فرق ثلاث :

فالمؤمنون كانوا يستمعون إليه للاسترشاد واستزادة الهدى ، وهم{[19427]} كقوله : { فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا } الآية [ التوبة : 124 ] .

[ والكفرة كانوا يستمعون إليه ليقولوا لأتباعهم : إنه افتراه بنفسه ، وإنه كذب ، وإنه سحر لئلا يقع في قلوب أتباعهم أن ما جاء به محمد حق ، فيستمعوا منه ، وهم{[19428]} كقوله : { سمّاعون للكذب } [ المائدة : 41 ] .

والمنافقون كانوا يستمعون إليه إظهارا للموافقة له لئلا يتعرّض لهم في ما أضمروا ، وأسرّوا من العداوة والخلاف ]{[19429]} [ وهم كقوله ]{[19430]} : { وأما الذين في قلوبهم مرض } [ التوبة : 125 ] .


[19426]:ساقطة من الأصل وم.
[19427]:في الأصل وم: وهو.
[19428]:في نسخة الحرم المكي، فهو.
[19429]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[19430]:ساقطة من الأصل وم.