تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم} (14)

الآية 14 وقوله تعالى : { أفمن كان على بيّنة من ربه كمن زُيّن له سوء عمله واتبعوا أهوائهم } لم يخرج لهذا الحرف جواب لما هم عرفوا بالبديهة أن ليس /513-بن { كان على بيّنة من ربه كمن زُيّن له سوء عمله } واتبع هواه ، يعرف ذلك بالبديهة ؛ كمن يقول : ليس المُحسِن كالمسيء ، وليس من يُحسن كمن يُسيء ونحو ذلك مما يعرفه كل أحد ، لا يحتاج إلى بيان وجواب . فعلى ذلك هذا . ثم في ذلك وجهان :

أحدهما : يذكر سفههُم باختيارهم اتباع هواهم وما زُيّن لهم من سوء عملهم على اتباع من كان على بيّنة وبيان على علم بذلك ويقين ، والله أعلم .

والثاني : فيه ذِكر دلالة البعث ؛ يقول ، والله أعلم : لما عرفتم أن من كان على بيّنة من ربه ليس كمن يتّبع هوى نفسه ، وقد استويا في هذه الدنيا : انتفع هذا كما انتفع الآخر ، وفي العقول لا استواء بينهما . فدلّ استواؤهما في هذه الدار على أن هناك دارا أخرى : ثم يُفرَّق بينهما ، ويُميَّز ، والله أعلم .