تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

الآية 18 وقوله تعالى : { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة } كأن هذه الآية نزلت في قوم ، علم الله أنهم لا يؤمنون إلا عند قيام الساعة كأنه يقول : ما ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة ، لكن لا ينفعهم الإيمان في ذلك الوقت كقوله : { لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل } [ الأنعام : 158 ] وقوله : { فلم يكُ ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسَنا } [ غافر : 85 ] كأنه ، والله أعلم ، يُؤيِس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطمع في إيمانهم قبل ذلك الوقت .

وقوله تعالى : { فقد جاء أشراطها } هذا يخرّج على وجهين :

أحدهما : يحتمل ما ذكر من مجيء أشراطها ، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه خاتم الأنبياء ، وبه خُتمت النُّبوّة . ورُوي عنه أنه قال : [ بُعثت أنا والساعة كهاتين ، وأشار إلى إصبعين ، وجمع بينهما ] [ البخاري : 6503 ] .

فإن كان التأويل هذا فهو على تحقيق مجيء أشراط الساعة ، أي قد جاء أشراط الساعة حقيقة ، /514-أ/ وتحقّقت .

والثاني : يحتمل أن يكون ما ذكر من مجيء أشراطها ، هي الأعلام ، والشرائط التي جُعلت عَلَما لقيامها من نحو نزول عيسى وخروج دابة الأرض وخروج الدّجال وغير ذلك ، فقد مضى بعض تلك الأعلام ، فيكون قوله : { فقد جاء أشراطها } أي كان قد جاء أشراطها ؛ إذ كل ما هو آت جاء ، فكان { فقد جاء } كقوله تعالى : { أتى أمر الله } [ النحل : 1 ] .

وقوله تعالى : { فأنّى لهم إذا جاءهم ذِكراهم } يحتمل وجهين :

أحدهما : مِن أنّى ينتفعون بإيمانهم في ذلك الوقت ؟ وكيف لهم منفعة الذكرى إذا جاءت ؟ والتوبة لا تُقبل حينئذ .

والثاني : من أين لهم الإيمان والتوبة إذا جاءتهم الذكرى ؟ أي ما يُذكّرهم في الدنيا قبل ذلك ، فلم يؤمنوا ، ولم يتذكّروا ، والله أعلم .