تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

الآية 30 وقوله تعالى : { ولو نشاء لأريناكهُم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنَّهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم } كأنه على التقديم والتأخير ، كأنه قال : ولو نشاء لأريناكهُم بسيماهم بالنظر إليهم بالبديهة ، ولتعرفنّهم أيضا في لحن القول ، أي لو نشاء لجعلنا لهم أعلاما في الوجه والقول لتعرفهم ، ولكن لم يجعل لهم ، ولكن جعل معرفتهم بأعمال يعملون ، فيظهر نفاقهم بذلك ، والله أعلم ، كقوله : { ومن الناس من يُعجبك قوله في الحياة الدنيا } [ البقرة : 204 ] وقوله{[19466]} في آية أخرى : { وإذا رأيتهم تُعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم } [ المنافقون : 4 ] وقوله [ في آية أخرى ]{[19467]} : { ولا يأتون الصلاة إلا وهم كُسالى ولا يُنفقون إلا وهم كارهون } [ التوبة : 54 ] وقوله [ في آية أخرى ]{[19468]} : { إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم } [ التوبة : 45 ] ونحو ذلك من الآيات مما يظهر نفاقهم وخلافهم بالأعمال التي كانوا يعملون . فدلّت هذه الآيات على أنه كان لا يعرفهم بالسّيماء والنّطق والقول والأجسام ، وإنما يعرفهم بأفعال كانوا يفعلونها ، والله أعلم .

وقال بعضهم : { ولتعرفنّهم في لحن القول } أي فحوى الكلام ، فكان يعرفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تكلّموا . فيخرّج على هذا التأويل قوله : { ولتعرفنّهم } على الوقت{[19469]} ، أي تعرفهم في حادث الوقت{[19470]} ، والله أعلم .

قال أبو عوسجة : يقال : رجل ألحن بحُججه ، ويقال : لَحَن يلحنُ ، إذا أخطأ ، لحنًا ، فهو لاحِنٌ ، كأنه من العدول والميل عن الحق .

وقال القتبيّ : { في لحن القول } أي في فحوى كلامهم .

[ وقوله تعالى ]{[19471]} : { والله يعلم أعمالكم } يحتمل هذا وجهين :

أحدهما ، والله أعلم : ما تُسرّون من الأعمال وتخفونها .

والثاني : على الجملة ، أي يعلم جميع أعمالهم ما أسرّوا ، وأعلنوا ، يخرّج على الوعيد كقوله : { إنه بما تعملون بصير } [ هود : 112 ] والله أعلم .


[19466]:في الأصل وم: وقال.
[19467]:ساقطة من الأصل وم.
[19468]:ساقطة من الأصل وم.
[19469]:في الأصل وم: الوعد.
[19470]:في الأصل وم: الوعد.
[19471]:ساقطة من الأصل وم.