تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىٰٓ أَعۡيُنَهُمۡ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلۡحَقِّۖ يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (83)

وقوله تعالى : { وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع }

سرورا على أنفسهم مما ظفروا مما كانوا يسمعون من نعته صلى الله عليه وسلم ويطعمون من وجدوا . وقد يعمل السرور هذا العمل إذا اشتد به ، وفرح القلب ، فاضت عيناه سرورا .

ويحتمل قوله تعالى : { ترى أعينهم تفيض من الدمع } حزنا على قومهم حين لم يؤمنوا بعد أن بلغهم ما بلغ هؤلاء من إعلام النبوة وآثار الرسالة إشفاقا عليهم أن كيف لم يؤمنوا ؟ كقوله تعالى : { وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون } [ التوبة : 92 ] قد فاضت [ أعينهم { ألا يجدوا ما ينفقون } والله أعلم ] .

وقوله تعالى : { يقولون ربنا آمنا } بما أنزلت ، واتبعنا الرسول { فاكتبنا مع الشاهدين } قيل مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهو واحد .

ثم ذكر في القصة أنها نزلت في النجاشي وأصحابه . وقيل : نزلت في أربعين رجلا من مسلمي أهل الإنجيل ؛ بعضهم قدموا من أرض الحبشة ، وبعضهم قدموا من أرض الشام ، فسمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما أشبه هذا بالذي نحدث من حديث عيسى ! فبكوا ، وصدقوا ، فنزلت الآية فيهم . فلا ندري كيف كانت القصة ؟ وفي من نزلت ؟ إذ ليس في الآية بيانه ، وليس بنا إلى معرفة ذلك حاجة سوى ما فيه من شدة رغبتهم في القرآن وسرورهم على ذلك .