غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىٰٓ أَعۡيُنَهُمۡ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلۡحَقِّۖ يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (83)

قال ابن عباس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خاف على أصحابه من المشركين فبعث جعفر بن أبي طالب وابن مسعود في رهط من أصحابه إلى النجاشي وقال : أنه ملك صالح لا يظلم ولا يظلم عنده أحد فاخرجوا إليه حتى يجعل الله للمسلمين فرجاً . فلما وردوا عليه أكرمهم وقال لهم : هل تعرفون شيئاً مما أنزل عليكم ؟ قالوا : نعم . فقرؤوا وحوله القسيسون والرهبان فكلما قرؤوا آية انحدرت دموعهم مما عرفوا من الحق . وقال آخرون : قدم جعفر بن أبي طالب من الحبشة هو وأصحابه ومعهم سبعون رجلاً بعثهم النجاشي وفداً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم ثياب الصوف ؛ اثنان وستون من الحبشة وثمانية من أهل الشام وهم بحيرا الراهب وأبرهة وغيرهما ، فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة يس إلى آخرها فبكوا وآمنوا فنزلت والخطاب في { ترى } لكل راء . وقد وضع الفيض الذي هو مسبب الامتلاء موضع الامتلاء وأصله تمتلئ من الدمع حتى تفيض لأن الفيض بعد الامتلاء ، ويحتمل أن يكون الدمع مصدر دمعت عينه وقصدت المبالغة في وصفهم بالبكاء كأنّ الأعين تفيض بأنفسها . ومعنى { مما عرفوا من الحق } أي مما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو الحق ف«من »« الأولى لابتداء الغاية على أن فيض الدمع نشأ من معرفة الحق ، والثانية للبيان ويحتمل التبعيض يعني أنهم عرفوا بعض الحق فأبكاهم فكيف لو عرفوا كله وأحاطوا بالسنة ؟ { ربنا آمنا } المراد إنشاء الإيمان لا الإخبار عنه { فاكتبنا مع الشاهدين } مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقد مر مثله في آل عمران .

/خ85