تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الصف [ وهي مكية ] {[1]} .

الآية 1 قوله تعالى : { سبح لله ما في السماوات وما في الأرض } قال ههنا : { سبح } وقال في مواضع{[21118]} أخر : { يسبح }[ الجمعة : 1والتغابن : 1 و . . ]ليعلم أن { يسبح } غير منقطع ، وأنه قد سبح حين كان ، ويسبح إلى أن يكون .

وفيه تسفيه أولئك الكفرة المتمردة ، وذلك أن التسبيح والثناء في الشاهد إنما يرجعان إلى المسبح والمثنى لأنه لا يثنى إلا على من استحق الثناء ، ولا يسبح إلا من يستحقه . فإنما تسبيح المسبح وثناؤه خضوع له ، وتقرب إليه ، وذلك يزيده شرفا ونبلا . فكأن الله عز وجل أخبر أنه خضع [ له ]{[21119]} تعالى ، واستسلم له ، وأتى بما فيه شرف له ، وزين ، وتقرب إلى ربه ، إلا الكفرة فإنهم تركوا التسبيح لله تعالى مع ما فيه من نبلهم وشرفهم وزينتهم ، والله الموفق .

ويجوز أن يكون ذكر سفههم أيضا من وجه آخر ، وهو أنه لو كان لله تعالى بتسبيح شيء من الخلائق حاجة لكان في تسبيح من ذكر كفاية وغنى عن تسبيح الكفرة ، ولكنهم تركوا التسبيح ، والله تعالى غني عنهم وعن تسبيحهم ، فما تركوه إلا لسفههم ، والله اعلم .

وقوله تعالى : { وهو العزيز الحكيم } : { العزيز } يدل على أنه عزيز في ذاته ، وإن ترك [ الكفرة التسبيح ]{[21120]} إياه لا يذله ، بل هو عزيز منيع .

وقوله تعالى : { الحكيم } يعني حكيم حين {[21121]} جعل في الأشياء المتضادة علم ربوبيته وآية وحدانيته .


[1]:- في ط ع: سمح.
[21118]:في الأصل و م: موضع.
[21119]:من م، ساقطة من الأصل.
[21120]:. في الأصل و م: التسبيح من الكفرة
[21121]:في الأصل و م: حيث