الآية 3 وقوله تعالى : { الذي خلق سبع سماوات طباقا } إيجاب القول بتصديق ما يأتي به الرسل من الخبر ، وقد ثبت وجود هذا القول على ألسن الرسل ، فلزمنا القول في السماوات : إنها سبع ، وإن لم تشاهد .
ثم يحتمل قوله : { الذي خلق سبع سماوات طباقا } ليبلو أهلها أيهم أحسن عملا ، لأنه بين أنه لم يخلق السماوات والأرضين باطلا .
ثم السماوات بأنفسها لا تمتحن ، وإنما يمتحن أهلها ، لكنه اقتضى ذكر السماوات ذكر أهلها ، واقتضى ذكر الأرضين ذكر أهلها ، فأخبر بذكر الأرض عن ذكر أهلها ، وبذكر السماوات عن ذكر أهلها ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت } أي انظر في خلق الرحمن هل ترى فيه من تفاوت أو فطور ؛ فإنك إن رأيت فيه فطورا ظننت في مدبره عددا ، وإن رأيت فيه تفاوتا ظننت في منشئه سفها ؛ فإنك إذا رأيت فيه فطورا أو شقوقا رأيت فيه تمانعا وتدافعا ، وفي حصول التمانع والتدافع [ حصول العدد ، لأن التدافع والتمانع{[21656]} ]{[21657]} إنما يقع عند ثبات العدد ، لأن ما يبني هذا يهدمه الآخر ، وينقضه . فعند ذلك يقع التدافع .
وإذا لم تر فيه فطورا أو شقوقا ، بل تراه منسقا مجتمعا دل على وحدانيته وقدرته وسلطانه ، وذلك التفاوت يدل على السفه ونفي الحكمة ، وارتفاع التفاوت يدل على حكمته وعجيب تدبيره ، فيكون في ارتفاع الفطور والتفاوت إثبات القول بالوحدانية وإيجاب القول بالبعث من حيث ثبتت حكمته ، وفي نفي القول بالبعث زوال الحكمة .
وفيه إيجاب المحنة والابتلاء ، لأن العدد إذا ثبت كان للممتحن ألا يعمل حتى يتبين له الغالب من المغلوب ، فلا يضيع عمله ، أو يشتغل كل بإقامة سلطانه ونفاذ تدبيره ، فلا يتضرع للألم بالمحنة .
ألا ترى إلى قوله : { وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق } ؟ [ المؤمنون : 91 ] قيل : يذهب كل واحد منهم بالجزء الذي خلقه ، فتظهر [ فطور ]{[21658]} وشقوق ، لأن ما خلق هذا يمتاز عن الذي خلقه الآخر .
فارتفاع الفطور يدل على وحدانية الصانع ، جل جلاله .
وقيل في قوله : { ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت } / 582-ب/ أي من حيث الدلالة على وحدانية الرب تعالى أو من حيث الحكمة والمصلحة .
فالخلائق كلها في المعاني التي ذكرناها غير متفاوتة ، لا أن تكون الأشياء المحدثة غير متفاوتة في أنفسها ، لأن بين السماوات والأرضين تفاوت ، وكذلك بين الحياة والموت تفاوت ، ولكن منافع السماء متصلة بمنافع الأرض ، ومنافع أهل الأرض متصلة بالأرض ، وقوامهم ومعاشهم بما يخرج منها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.