تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَظۡلِمُونَ} (9)

ويشبه أن يكون قوله تعالى : { فمن ثقلت موازينه } { ومن خفّت موازينه } على التمثيل ، ليس على تحقيق الثّقل{[8106]} والخفّة ، ولكن على الوصف بالعظم لأعمال المؤمنين وبالخفّة والتلاشي لأعمال الكافرين ؛ لأن الله عز وجل ضرب لأعمال المؤمنين المثل بالشيء الثابت والطيّب ، ووصف أعمالهم بالثبات والقرار فيه ، وضرب لأعمال الكافرين المثل ، وشبّهها بالشيء التافه ، ووصفها بالبطلان والتلاشي كقوله تعالى : { ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء } [ إبراهيم : 24 ] .

وصف أعمالهم بالطيّب والثبات والقرار ، ووصف أعمال الكافرين بالخبث والتلاشي والبطلان كقوله تعالى : { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار } [ إبراهيم : 26 ] . وكقوله{[8107]} تعالى في آية أخرى : { والبلد الطيّب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا } [ الأعراف : 58 ] . وكقوله{[8108]} تعالى : { والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا } [ النور : 39 ] وكقوله تعالى : { فأما الزّبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } [ الرعد : 17 ] ونحوه من الآيات وصف أعمال المؤمنين بالثبات والقرار وأعمال الكفرة بالذهاب والبطلان .

فعلى ذلك قوله تعالى : { فمن ثقلت موازينه } وصف بالعظم والقرار والثبات { ومن خفّت موازينه } وصف بالبطلان والتلاشي [ حتى لا ]{[8109]} يكون لهم من الخيرات شيء ينتفعون به{[8110]} في الآخرة ، والله أعلم .


[8106]:في الأصل وم: الميزان.
[8107]:في الأصل وم: وقال.
[8108]:في الأصل وم: وقال.
[8109]:في الأصل وم: بها.
[8110]:في الأصل وم: ألا.