تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَكَم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَا فَجَآءَهَا بَأۡسُنَا بَيَٰتًا أَوۡ هُمۡ قَآئِلُونَ} (4)

الآية 4 وقوله تعالى : { وكم من قرية أهلكناها } قال أهل التأويل : كان يخوّف أهل مكة بتكذيبهم الرسول بإهلاكه الأمم الخالية بتكذيبهم{[8074]}الرسول بقوله تعالى : { وكم من قرية أهلكناها }بتكذيبهم الرسل . فأنتم يا أهل مكة تهلكون بتكذيبكم الرسول . وإن كانوا لا يعرفون هم إهلاك الأمم الماضية أنه إنما أهلكوا بتكذيبهم الرسل غير أنهم ، وإن كانوا لا يعرفون هم ذلك بأنفسهم لما ليس عندهم كتاب ، لكن يصلون إلى علم ذلك بمن عندهم الكتب ، وهم [ أهل ]{[8075]} الكتاب ، فتلزمهم الحجة كالعجم ، وإن كانوا لا يعرفون الكتاب الذي أنزل بلسان العرب فإن الحجة تلزمهم بذلك لما كان لهم سبيل الوصول إلى علم ذلك بالعرب . فعلى ذلك هؤلاء ، وإن لم يكن عندهم علم بإهلاك هؤلاء تلزمهم{[8076]} الحجة بإعلام أهل الكتاب إياهم .

وفي الآية دلالة إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه أخبر عن{[8077]} إهلاك الأمم الخالية بتكذيبهم الرسل ، وهو لم ينظر في كتبهم ، ولا اختلف إليهم ليعلموه عن ذلك ، ثم أخبرهم بذلك . فدل أنه إنما عرف ذلك بالله عز وجل .

وقوله تعالى : { فجاءها بأسنا بياتا } قال أبو بكر الكيسانيّ{[8078]} : البأس هو كل أمر معضل شديد من المرض والحرج وغيره ، ويقول : روي [ عن ]{[8079]} عمر لما طعن قيل له : لا بأس عليك ، فقال : إن كان في القتل بأس ففي{[8080]} ذلك .

وأما غيره من أهل التأويل فقالوا : البأس العذاب ، وبأسنا عذابنا .

وقوله تعالى : { بياتا أو هم قائلون } البيات بالليل ، والقيلولة بالنهار [ عند الظهيرة ]{[8081]} ، وهما وقتا الغفلة أو وقتا الأمن . أخبر أنه إنما يأتيهم عذابه في حال الغفلة أو في حال الأمن لئلا يكونوا غافلين عن أمره ، ولا يكونوا آمنين عذابه .


[8074]:في الأصل وم: بتكذيبهم.
[8075]:ساقطة من الأصل وم.
[8076]:في الأصل وم: فتلزمهم.
[8077]:في الأصل وم: على.
[8078]:من م، في الأصل: الكسائي.
[8079]:ساقطة من الأصل وم.
[8080]:في الأصل وم: في.
[8081]:من م، في الأصل: هذا الظهرة.