تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ إِذۡ أَمَرۡتُكَۖ قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ} (12)

الآية 12 وقوله تعالى : { ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك } قيل : قوله تعالى : { ما منعك ألا تسجد } أي { ما منعك أن تسجد } [ ص : 75 ] على ما ذكر في آية أخرى ، ولا زائدة .

وقوله تعالى : { قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } بم علم عدوّ الله أن المخلوق من النار خير من المخلوق بالطين ؟ إلا أن يقال بأن النار جعلت لصالح الأغذية . فمن هنا وقع له ذلك أنها خير من الطين ، فيقال : إن النار ، وإن جعلت لصالح الأغذية فالطين جعل لوجود الأغذية . فالذي جعل لوجود الشيء هو أنفع وأكبر من الذي جعل لصالحه ، ولعل الأغذية تصلح للأكل بغيرها بالشمس وغيرها . وبعد فإن الطين مما يقوم للنار ، ويطيقها ، ويتلفها ، والنار لا تقوم للطين ، ولا تتلفه . فإذا كان كذلك فلا يجوز أن يقع من هذا الوجه أنها أفضل وأخير من الطين .

ثم اختلف في الجهة التي كفر عدو الله إبليس ؛ قال بعضهم : إن إبليس عدوّ الله لما لم ير الأمر بالخضوع والطاعة من فوقه لمن هو دونه حكمة ؛ فكفر لما لم ير أنه وضع الأمر بالسجود موضعه ؛ رآه لعنه الله ، واضعا أمره في غير موضعه . وقال غيرهم : كفر عدوّ الله بالاستكبار والتّكبر على آدم لمعنى آخر . وقيل : أول من أخطأ في المقياس ، وزلّ فيه إبليس ، لعنه الله .