السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَنَّا لَا نَدۡرِيٓ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ أَرَادَ بِهِمۡ رَبُّهُمۡ رَشَدٗا} (10)

واختلف فيمن قال { وأنا لا ندري } أي : بوجه من الوجوه { أشر أريد } أي : بعدم استراق السمع { بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم } أي : المحسن إليهم المدبر لهم { رشداً } أي : خيراً فقال ابن زيد : معنى الآية أن إبليس قال : لا ندري هل أراد الله بهذا المنع أن ينزل على أهل الأرض عقاباً أو يرسل إليهم رسولاً . وقيل : هو من قول الجنّ فيما بينهم قبل أن يستمعوا قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم أي : لا ندري أشر أريد بمن في الأرض بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم ، فإنهم يكذبونه ويهلكون بتكذيبه كما هلك من كذَّب من الأمم ، أم أراد أن يؤمنوا فيهتدوا فالشر والرشد على هذا الكفر والإيمان ، وعلى هذا كان عندهم علم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولما سمعوا قراءته علموا أنهم منعوا من السماء حراسة للوحي . وقيل : قالوا لقومهم بعد أن انصرفوا إليهم منذرين أي : لما آمنوا أشفقوا أن لا يؤمن كثير من أهل الأرض ، فقالوا : إنا لا ندري أيكفر أهل الأرض بما آمنا به أم يؤمنون .