تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذۡ يُرِيكُمُوهُمۡ إِذِ ٱلۡتَقَيۡتُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِكُمۡ قَلِيلٗا وَيُقَلِّلُكُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِهِمۡ لِيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗاۗ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (44)

وقوله تعالى : ( وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذْ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ ) يحتمل قوله ( وإذ يريكموهم ) الآية لما رأوا الملائكة لأنفسهم أنصارا وأعوانا ؛ إذ كان قد وعد لهم النصر والإعانة بالملائكة وكان العدو مع الملائكة ، فاستقلوا [ العدو ][ ساقطة من الأصل وم ] لأن العدو ، وإن كانوا كثيرا ، فهو قليل مع الملائكة ، فرأوهم قليلا على ما كانوا وقلل هؤلاء ي أعين أولئك ؛ لأنهم كذلك[ في الأصل وم : لذلك ] كانوا قليلا ، فرأوهم[ في الأصل وم : فرأوا ] على ما كانوا ، ولم يروا الملائكة . وقال بعض أهل التأويل : قلل هؤلاء في أعين هؤلاء ، وهؤلاء في أعين هؤلاء إذ التقوا ليغري بعضهم على بعض ، وليجرئ بعضهم على بعض على القتال ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( ليقضي الله أمرا كان ) هو ما ذكرنا أنه لينجز ما كان لهم من النصر والظفر للمؤمنين والغلبة والهزيمة على أولئك . وكذلك ذكر في القصة أن قوله تعالى : ( سيهزم الجمع ويولون الدبر )[ القمر : 45 ] في بدر فيه وعد ذلك كقوله تعالى : ( وكان وعدا مفعولا )[ الإسراء : 5 ] .

ويحتمل قوله تعالى : ( ليقضي الله ) أي ليخلق الله ، وينشيء ما قد علم أنه يكون كائنا ، أو ليفصل بين الحق والباطل مما قد علم أنه يكون كائنا .

وقال بعض أهل التأويل : ( ليقضي الله أمرا كان ) في علمه ( مفعولا ) كائنا ؛ يقول ، فيوجب أمرا ، لا بد [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] كائن ليعز الإسلام وأهله بالنصر ، ويذل الشرك وأهله بالقتل[ من م ، في الأصل ، بالنصر ] والهزيمة ، الله أعلم . وهو قريب مما ذكرنا .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( وإلى الله ترجع الأمور ) أي إلى الله يرجع تدبير الأمور وتقديرها[ في الأصل وم : وتقديره ] ؛ إذ له التدبير في ذلك في الدنيا والآخرة .

وذكر [ في ][ في الأصل وم : أمر ] بعض القصة أن أبا جهل لما رأى قلة المؤمنين ببذر قال : والله لا يعبد الله بعد اليوم ، فأكذبه الله ، وقتله ، فقال ( وإلى الله ترجع الأمور ) لا إلى الخلق ، والله أعلم .

وأمر بدر من أوله إلى آخره كان آية حتى عرف كل ذلك إلا من عاند ، وكابر عقله .